
الحبة واحدة والطعوم ألوان.. 4 أصناف طعام تحضر من القمح مثل حلوى نوح
الخبز صورته شائعة، وبها يصافح عيون الناس يوميا؛ لكن للقمح صورًا ووصفات عِدّة، كانت أكثر شيوعًا فى القرى قديما مع أزمنة الحصاد، صحيح أنها تُرى على امتداد العام، وقد يحضر بعضها فى مواسم دينية وثقافية بعينها، لكنها تشكّل جميعًا سيرة الحبوب الذهبية فى الوعى المصرى القديم، الباقى إلى اليوم.
فى مثل هذا الوقت من كل عام، تبدأ حقول الدلتا ووادى النيل فى ارتداء حلتها الذهبية، معلنة دخول موسم حصاد القمح، الذى لا يزال يحمل فى طياته عبق التاريخ ورائحة الأرض التى ارتبطت بها مصر منذ آلاف السنين، وطالما ارتبط القمح بالرخاء والخير الوفير، ولذلك يصاحب هذا الموسم بالكثير من الحفاوة والفرحة فى قرى مصر منذ زمن الفراعنة وحتى الآن وارتبط الموسم بعروسة القمح التى تصنع من سنابل القمح المنسوجة على شكل دمى، وتزين بالأشرطة الملونة. وكانت تقدم فى الأعراس الريفية كتميمة للخصوبة، حيث تعود هذه العادة إلى المعتقدات الفرعونية التى ربطت بين القمح وإلهة الخصوبة «إيزيس»، ولا يقتصر دور القمح على كونه محصولًا زراعيًا، بل هو خيط يربط الماضى بالحاضر عبر المائدة وقد ارتبط بالعديد من الأكلات التى نستعرض أبرزها:
البليلة.. من قربان لطبق تحلية
تعتبر البليلة من أقدم الأطباق المصرية، تحضر بسلق حبوب القمح الكاملة فى الماء أو الحليب حتى تنضج، ثم تحلى بعسل النحل أو السكر، ويمكن أن تؤكل بهذه الطريقة أو تزين بالمكسرات أو القرفة، كانت تقدم للعمال أثناء موسم الحصاد فى العصر الفرعونى كمصدر للطاقة، كما تذكر برديات معبد إدفو أنها كانت تقدم كقربان للآلهة، تشبه فى طريقة تحضيرها طبق «الهريس» العربي، لكنها تحتفظ بمذاقها المصرى المميز.
بليلة
الفريك.. قمح أخضر بلمسة تراثية
الفريك هو قمح يحصد قبل نضجه، يشوى جزئيًا لتعزيز نكهته، ثم يجفف ويكسر ليستخدم فى الحساء أو كطبق جانى، يعود تاريخه إلى الزراعات المصرية القديمة، حيث كان يخزن لمواسم الجفاف، وتشير كلوديا رودن فى كتابها «مطبخ البحر المتوسط» إلى استخدامه كبديل للأرز فى الأطباق التقليدية.
الفريك
الكشك الصعيدى يوثق مهارة التدبير
خليط مخمر من القمح المطحون واللبن، يجفف تحت الشمس ليستخدم فى الشوربات أو كصلصة، يرتبط بصعيد مصر، حيث كان يحضر خلال مواسم الحصاد كطعامٍ شتوى، يوثق كتاب “الأغذية المخمرة التقليدية” الصادر عن منظمة الفاو تقنيات تخميره كجزء من التراث الريفى، ويشير الباحثون إلى أن طريقة حفظه تعكس حكمة المصريين فى استغلال الموارد الطبيعية وتدبيرهم.
الكشك
العاشوراء.. حلوى بنكهة دينية
تتكون العاشوراء من قمح مسلوق مع الحليب والسكر والنشا، يضاف إليه الزبيب والتين والمكسرات، ارتبطت بمناسبة يوم عاشوراء وهو يوم حافل بالمناسبات الدينية، فهو اليوم الذى نجى الله فيه موسى من فرعون، وهو اليوم الذى استشهد فيه الحسين بن على حفيد النبى فى معركة كربلاء، ويعتقد البعض أنه نفس يوم استواء سفينة نوح وهو ما لم يثبت تاريخيًا ولا دينيًا ولكن رغم ذلك تؤمن بعض الشعوب، مثل الأتراك، بأن طبق عاشوراء ترجع أصوله إلى النبى نوح وأنه كان يعرف باسم «حلوى نوح» ويعرف حاليًا عندهم باسم «أشورى» حيث يضيفون إليه الحمص والرمان، وفى مصر تختلف الروايات حول أصول طبق عاشوراء، فهناك من ينسبها إلى العصر الفاطمى فيما يربطها آخرون بالعثمانيين.
عاشوراء