قرحة المعدة: أعراض صامتة وأسباب غير متوقعة تعرضك لخطر كبير

قرحة المعدة: أعراض صامتة وأسباب غير متوقعة تعرضك لخطر كبير
قرحة المعدة: أعراض صامتة وأسباب غير متوقعة تعرضك لخطر كبير

تمثل قرحة المعدة تحديا صحيا شائعا يصيب شرائح عمرية واسعة من الشباب وكبار السن على حد سواء وتتجاوز كونها مجرد مصدر للإزعاج الهضمي لتصبح حالة مرضية قد تتطور إلى مضاعفات خطيرة في حال إهمالها ويعود انتشارها بشكل كبير إلى أنماط الحياة الحديثة والعادات الغذائية غير السليمة.

قد يؤدي إهمال التعامل مع قرحة المعدة إلى عواقب وخيمة تهدد الصحة العامة فمن أبرز هذه المخاطر حدوث نزيف داخلي قد يظهر على شكل قيء دموي أو يسبب فقر الدم الشديد والإرهاق وفي الحالات الأكثر تقدما يمكن أن يتسبب التقرح في ثقب بجدار المعدة وهو وضع طارئ يستدعي تدخلا جراحيا عاجلا لمنع تسرب محتويات المعدة إلى تجويف البطن كما أن الالتهاب المزمن والتورم الناجم عن القرح المتكررة قد يؤديان إلى انسداد مخرج المعدة مما يعيق عملية مرور الطعام بشكل طبيعي ويرتبط الإهمال طويل الأمد أيضا بزيادة طفيفة في احتمالية الإصابة بسرطان المعدة.

تتعدد العوامل التي تمهد للإصابة بقرحة المعدة ويأتي في مقدمتها الإصابة بعدوى بكتيرية تضعف الغشاء المخاطي الواقي لجدار المعدة وتجعله أكثر عرضة للتلف بفعل الأحماض الهضمية كما يلعب الاستخدام المفرط والمزمن لبعض الأدوية المسكنة ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الأسبرين والإيبوبروفين دورا رئيسيا في حدوث التقرحات وتساهم عادات مثل التدخين وتناول الكحول في إضعاف دفاعات المعدة وزيادة إنتاج الحمض بالإضافة إلى ذلك فإن الضغوط النفسية والتوتر المستمر يؤثران سلبا على توازن الجهاز الهضمي ولا يمكن إغفال دور النظام الغذائي غير الصحي المليء بالأطعمة الحارة والدسمة والمشروبات الغازية وكذلك وجود تاريخ عائلي للمرض كعامل يزيد من احتمالية الإصابة.

تختلف علامات الإصابة بقرحة المعدة من شخص لآخر لكنها تشترك في مجموعة من الأعراض المزعجة أبرزها الشعور بألم حارق أو ناخر في الجزء العلوي من البطن والذي يزداد سوءا بين الوجبات أو أثناء الليل حين تكون المعدة فارغة ويشكو الكثير من المرضى من الإحساس بالحرقة والحموضة نتيجة لارتجاع الأحماض بالإضافة إلى الانتفاخ وزيادة الغازات بسبب اضطراب عملية الهضم وقد يصاحب ذلك غثيان وقيء أحيانا وفي الحالات المتقدمة قد يلاحظ المريض فقدانا للشهية ونقصا غير مبرر في الوزن نتيجة تجنبه تناول الطعام لتفادي الألم ومن العلامات الخطيرة التي تستدعي الانتباه الفوري ظهور براز داكن اللون أو أسود مما يشير إلى وجود نزيف داخلي والشعور العام بالإرهاق والدوخة.

يعتمد مسار العلاج بشكل أساسي على مسبب القرحة وشدتها ففي حالات العدوى البكتيرية توصف المضادات الحيوية للقضاء عليها إلى جانب أدوية تعمل على تقليل إفراز حمض المعدة أو معادلة تأثيره لتوفير بيئة مناسبة لالتئام التقرح ويمكن استخدام مضادات الحموضة لتخفيف الأعراض بشكل مؤقت وهناك أيضا أدوية تعمل على تكوين طبقة واقية فوق جدار المعدة لحمايته وفي حالات المضاعفات الخطيرة كالنزيف الشديد أو الثقب قد يصبح التدخل الجراحي ضروريا ويترافق العلاج الدوائي مع تغييرات جوهرية في نمط الحياة تشمل التوقف عن التدخين وتجنب المشروبات الكحولية والابتعاد عن الأطعمة التي تهيج المعدة مع الحرص على تناول وجبات صغيرة ومتعددة وإدارة التوتر النفسي.

لتجنب الإصابة بقرحة المعدة أو منع تكرارها ينصح باتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية التي تبدأ من الالتزام بنظام غذائي متوازن غني بالألياف من الخضراوات والفواكه وتجنب الأطعمة المهيجة للمعدة وينبغي التعامل بحذر مع الأدوية المسكنة وعدم الإفراط في استخدامها دون استشارة طبية خاصة للفترات الطويلة كما أن الإقلاع عن العادات الضارة مثل التدخين والكحول يعزز صحة بطانة المعدة بشكل كبير وتساعد ممارسة الرياضة بانتظام في تحسين الهضم وتقليل مستويات التوتر وتلعب النظافة الشخصية دورا في تقليل خطر انتقال العدوى البكتيرية المسببة للقرحة وتبقى المتابعة الطبية الدورية أمرا ضروريا للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة.