
يحتل الفطير المشلتت مكانة فريدة في المطبخ المصري باعتباره إرثا تاريخيا يتجاوز كونه مجرد وجبة تقليدية إذ تمتد جذوره إلى عصور الفراعنة حيث كان جزءا من الطقوس الدينية ويقدم كقرابين للآلهة ومع مرور الزمن تحول ليصبح رمزا أصيلا للكرم والضيافة في ربوع مصر.
تعتمد صناعة الفطير المشلتت على مكونات بسيطة للغاية لكنها تتطلب مهارة ودقة في التحضير للحصول على طبقاته الهشة وقوامه المميز فالمكونات الأساسية لا تتعدى الدقيق الأبيض المنخول جيدا ورشة صغيرة من الملح وكمية من الماء الدافئ تكفي لتكوين عجينة متماسكة ومرنة أما سر النكهة الغنية فيكمن في استخدام السمن البلدي أو الزبدة بكميات وفيرة للفصل بين الطبقات.
تبدأ رحلة إعداد الفطير بمرحلة العجن المطول باليد حيث يضاف الماء تدريجيا إلى الدقيق والملح وتستمر العملية حتى تتحول المكونات إلى عجينة ناعمة ومطاطية لا تلتصق باليد وبعد ذلك تقسم العجينة إلى كرات متساوية الحجم وتترك لترتاح فترة كافية وهذه الخطوة ضرورية لجعل العجينة سهلة الفرد دون أن تتمزق.
تأتي بعد ذلك مرحلة فرد العجين التي تعد فنا بحد ذاتها حيث تفرد كل كرة على سطح مدهون بالسمن حتى تصبح طبقة رقيقة وشفافة ثم تدهن بالسمن وتطوى وتوضع داخل كرة أخرى مفرودة بنفس الطريقة وتتكرر هذه العملية مع باقي الكرات لتكوين طبقات متعددة من العجين والسمن وهو ما يمنح الفطير قوامه المورق الشهير عند الخبز.
لا يكتمل نجاح الفطير إلا بالخبز في فرن شديد الحرارة إذ يوضع القرص النهائي في صينية مدهونة ويدخل الفرن على درجة حرارة تتراوح بين 220 و 250 درجة مئوية فالحرارة العالية تساعد على نضجه سريعا وانتفاخه ليصبح مقرمشا من الخارج وطريا وهشا من الداخل ويكتسب لونه الذهبي الجميل.
في الريف المصري يقدم الفطير المشلتت ساخنا كوجبة فطور شهية إلى جانب العسل الأبيض والقشدة الطازجة أو مع العسل الأسود والجبن القريش كما تطورت طرق تقديمه ليشمل حشوات متنوعة تلبي مختلف الأذواق فنجده اليوم محشوا بالجبن أو اللحم المفروم أو السجق كخيار مالح أو بالسكر والمكسرات كصنف حلو.
على الرغم من بساطة مكوناته يعتبر الفطير وجبة غنية بالسعرات الحرارية نظرا لاحتوائه على نسبة عالية من الكربوهيدرات والدهون المستمدة من الدقيق والسمن مما يجعله مصدرا مهما للطاقة وهو ما كان يناسب طبيعة الحياة التي تتطلب مجهودا بدنيا كبيرا لذا ينصح بتناوله باعتدال لمن يتبعون أنظمة غذائية محددة.