
طرح علماء من المعهد الوطني للعلوم الصحية البيئية فرضية جديدة حول أسباب البلوغ المبكر تتجاوز العوامل المعروفة سابقاً مثل السمنة أو طبيعة النظام الغذائي. وتشير دراستهم الحديثة إلى وجود مادة كيميائية محددة قد يكون لها تأثير مباشر على منطقة في الدماغ تتحكم في توقيت بدء البلوغ مما يفتح الباب أمام فهم مختلف لهذه الظاهرة.
بعد فحص دقيق وشامل لما يقرب من عشرة آلاف مادة مختلفة وقع اختيار الباحثين على مركب المسك الأمبراتي ليكون المشتبه به الرئيسي في تسريع عملية البلوغ. ويشيع استخدام هذه المادة الكيميائية في صناعات العطور منخفضة التكلفة بالإضافة إلى دخولها في تركيب العديد من منتجات العناية الشخصية الأخرى المتاحة في الأسواق.
يقدم العلماء تفسيراً لكيفية تأثير هذه المادة إذ يعتقدون أن المسك الأمبراتي قد يرتبط بمستقبلات حساسة في منطقة تحت المهاد بالدماغ وهي المنطقة التي تنظم عملية البلوغ. وهذا الارتباط يحفز بدوره إفراز الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسلية المعروف اختصاراً GnRH وهو الهرمون الأساسي المسؤول عن إعطاء إشارة البدء لنضج الأعضاء التناسلية وتحفيز إنتاج هرمونات الإستروجين والتستوستيرون والبروجيسترون.
ولدعم هذه الفرضية أجرى الفريق تجارب أولية على خلايا مأخوذة من منطقة تحت المهاد البشرية وكذلك على يرقات أسماك الزرد. وأظهرت نتائج هذه التجارب أن تعرض الخلايا واليرقات للمسك الأمبراتي أدى بالفعل إلى زيادة في إنتاج هرمون GnRH المحفز للبلوغ.
على الرغم من هذه النتائج الواعدة يشدد الباحثون على أن الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولية. ويؤكد الفريق أن هذه الخلاصات تمثل خطوة أولى فقط في مسار طويل وأن الأمر يتطلب إجراء المزيد من الدراسات المعمقة على الثدييات لتأكيد هذه التأثيرات بالإضافة إلى ضرورة تحليل عينات دم من البشر للتحقق بشكل قاطع من وجود علاقة سببية بين التعرض للمسك الأمبراتي وحدوث البلوغ المبكر.