
يعد مرض الذئبة الحمراء أحد الأمراض المناعية الذاتية المزمنة التي تسبب حالة من الالتهاب والتلف في أنحاء متفرقة من الجسم حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم السليمة عن طريق الخطأ بدلا من حمايتها وينتشر هذا المرض بشكل ملحوظ بين النساء خاصة في فترة سن الإنجاب.
تتفاوت أعراض الذئبة الحمراء بشكل كبير بين المصابين وقد تظهر بصورة تدريجية أو مفاجئة ومن أبرز علاماتها الإرهاق الشديد غير المبرر الذي لا يتحسن بالراحة والطفح الجلدي الشهير الذي يشبه الفراشة ويمتد على الخدين وجسر الأنف ويعاني المرضى كذلك من حساسية مفرطة تجاه أشعة الشمس وآلام وتورم في المفاصل مصحوبة بتيبس صباحي وقد تشمل الأعراض الأخرى تساقط الشعر وظهور تقرحات غير مؤلمة في الفم والأنف وارتفاع في درجة حرارة الجسم وصداع واضطرابات عصبية وتورم في القدمين أو حول العينين نتيجة تأثر الكلى.
إذا لم يتم السيطرة على نشاط المرض فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على الأعضاء الحيوية وتعد الكلى من أكثر الأعضاء عرضة للتلف حيث يمكن أن يصاب المريض بالتهاب كبيبات الكلى الذئبي الذي قد يتطور إلى فشل كلوي كما يمتد الخطر ليشمل القلب والرئتين من خلال التسبب في التهابات مزمنة أو تليف في الأنسجة مما ينتج عنه صعوبة في التنفس وآلام في الصدر وتشمل المضاعفات المحتملة أيضا اضطرابات الدم مثل فقر الدم أو زيادة خطر تكون الجلطات ومشكلات عصبية مثل السكتات الدماغية أو النوبات بالإضافة إلى مضاعفات الحمل كالإجهاض المتكرر.
لا يزال السبب الدقيق وراء الإصابة بالذئبة الحمراء غير محدد بشكل قاطع لكن يعتقد الخبراء أن مجموعة من العوامل المتداخلة تساهم في ظهوره وتلعب الوراثة دورا هاما حيث يزداد خطر الإصابة عند وجود تاريخ عائلي للمرض كما ترجح الإحصاءات التي تظهر شيوع المرض بين النساء دور الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين وهناك عوامل أخرى قد تحفز الجهاز المناعي وتزيد من نشاطه مثل بعض أنواع العدوى الفيروسية أو البكتيرية والتعرض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية والتوتر النفسي والجسدي الشديد وقد تتسبب بعض الأدوية مثل أدوية علاج الصرع أو ضغط الدم في ظهور نوع من الذئبة يعرف بالذئبة الدوائية.
على الرغم من عدم وجود علاج شاف تماما من الذئبة الحمراء إلا أن الخيارات العلاجية المتاحة تركز على السيطرة على الأعراض وتقليل الالتهاب ومنع تفاقم المرض ويعتمد العلاج على استخدام أدوية مضادة للالتهابات وأدوية مضادة للملاريا التي أثبتت فعاليتها في تخفيف الطفح الجلدي وآلام المفاصل وفي الحالات الأكثر شدة يلجأ الأطباء إلى مثبطات المناعة والأدوية البيولوجية الحديثة التي تستهدف مكونات معينة في الجهاز المناعي.
إلى جانب العلاج الدوائي تشكل التغييرات في نمط الحياة جزءا أساسيا من خطة السيطرة على المرض حيث ينصح المرضى بالحصول على قسط كاف من الراحة والنوم وممارسة الأنشطة البدنية المعتدلة للحفاظ على صحة القلب ومرونة المفاصل كما يجب اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والحرص على العناية بالبشرة من خلال استخدام واقي شمسي بانتظام وتجنب التدخين مع ضرورة المتابعة الطبية المستمرة لمراقبة وظائف أعضاء الجسم.
يمكن للمرضى اتخاذ عدة خطوات استباقية لتقليل حدة نوبات المرض وتجنب تفاقم الأعراض ويأتي في مقدمة هذه الإجراءات الالتزام الصارم بخطة العلاج الموصوفة والمتابعة المنتظمة مع الطبيب المختص كما يعد تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس أمرا حيويا ويساعد التحكم في مستويات التوتر عبر تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والتأمل في الحفاظ على استقرار الحالة بالإضافة إلى ذلك من الضروري تجنب العدوى قدر الإمكان عبر غسل اليدين باستمرار والابتعاد عن المصابين بالتهابات نشطة.