
كرمت الولايات المتحدة ثلاثة باحثين بجائزة لاسكر العلمية التي تعد أرفع وسام طبي في البلاد وكثيرا ما ينظر إليها على أنها تمهيد للحصول على جائزة نوبل. جاء هذا التكريم تقديرا لجهودهم في تطوير علاج أحدث ثورة في مواجهة مرض التليف الكيسي وهو أحد أخطر الأمراض الوراثية المعروفة.
يعاني حوالي مئة ألف شخص حول العالم من التليف الكيسي وهو مرض يتسبب في تكوين مخاط سميك ولزج يؤدي إلى انسداد الرئتين والجهاز الهضمي. هذا الوضع يجعل أبسط الأنشطة اليومية مصحوبة بصعوبة شديدة في التنفس وكان التشخيص به في الماضي يعني حكما بالموت في مرحلة الطفولة أو المراهقة.
الفائزون بالجائزة هم اختصاصي أمراض الرئة مايكل ويلش والباحثان خيسوس غونزاليس وبول نيغوليسكو من إحدى شركات الأدوية الأمريكية. نجح الفريق في تطوير عقاقير غيرت مسار المرض بشكل جذري وعلى رأسها دواء يعرف باسم تريكافتا في أمريكا وكافتريو في أوروبا والذي يستهدف الخلل الجيني الأساسي للمرض بدلا من معالجة أعراضه فقط.
بدأت رحلة هذا الإنجاز العلمي بعد اكتشاف جين CFTR عام 1989 حيث أدرك الطبيب مايكل ويلش أن البروتين الذي ينتجه هذا الجين لا يكون معطلا بالكامل لدى المرضى. هذا الاستنتاج فتح بابا جديدا للأمل وأشار إلى إمكانية تصحيح وظيفة هذا البروتين بدلا من استبداله.
انطلق الباحثان غونزاليس ونيغوليسكو في مهمة شاقة وصفها أحدهما بأنها كانت أشبه بالتنقيب عن الذهب. تضمنت هذه المهمة فحص واختبار أكثر من مليون مركب كيميائي مختلف بحثا عن الجزيئات القادرة على إصلاح البروتين المعيب. وفي نهاية المطاف توصل الفريق إلى مزيج فعال من ثلاث جزيئات نجحت في استعادة وظيفة البروتين الطبيعية لدى غالبية المرضى.
أكد مايكل ويلش أن الأطفال الذين يتلقون العلاج الجديد اليوم يعيشون حياة طبيعية فهم لا يعانون من السعال المستمر ويستطيعون اللعب والذهاب إلى مدارسهم وحتى الزواج لاحقا وهو مشهد كان من المستحيل تخيله في بداية مسيرته المهنية.
حصل العلاج الثلاثي على موافقة الاستخدام في الولايات المتحدة عام 2019 كما أضافته منظمة الصحة العالمية إلى قائمتها للأدوية الأساسية. ورغم أن التكلفة الباهظة للعلاج لا تزال تشكل عائقا كبيرا أمام وصوله لجميع المرضى شدد نيغوليسكو على أن العمل لم ينته بعد وأن الجهود متواصلة لضمان استفادة كل مريض من هذا التقدم العلمي.