
أكدت الدكتورة مروة كمال أخصائية التغذية العلاجية أن رحلة إنقاص الوزن لا تبدأ في المطبخ أو صالات الرياضة كما هو شائع بل تنطلق من العقل أولا. هذا المفهوم يعتمد على تغيير طريقة التفكير المتعلقة بالطعام وإعادة برمجة السلوكيات لتصبح عملية التخسيس نتيجة طبيعية لتغيير داخلي مستدام وليس مجرد معركة مؤقتة ضد الرغبة في الأكل.
وتتمثل إحدى أهم الركائز في هذا النهج بممارسة الأكل الواعي حيث يتناول كثيرون الطعام استجابة للملل أو التوتر وليس للجوع الفعلي. وهنا يبرز دور العقل في التوقف قبل تناول أي وجبة وطرح تساؤلات بسيطة مثل هل جسدي يحتاج إلى طعام حقيقي أم أنني أبحث عن راحة مؤقتة. هذا الوعي يحد بشكل كبير من السعرات الحرارية الزائدة ويجعل خيارات الطعام أكثر توازنا.
إن العقل البشري مبرمج على العادات ويربط تلقائيا بين مواقف معينة وتناول الطعام كاللجوء للسكريات عند الشعور بالضغط أو تناول وجبات دسمة أمام التلفاز. ويبدأ التغيير الحقيقي من خلال كسر هذه الروابط الذهنية واستبدالها بسلوكيات صحية فعلى سبيل المثال يمكن مواجهة التوتر بممارسة التنفس العميق بدلا من الشوكولاتة. كما أن التعامل مع الأكل العاطفي يتطلب إيجاد وسائل بديلة لتفريغ المشاعر كالتأمل أو اليوجا أو حتى التحدث مع شخص مقرب.
وتفشل معظم الأنظمة الغذائية لأنها تضع العقل في حالة حرب مع النفس مما يولد شعورا بالحرمان يؤدي للانهيار لاحقا. لكن التغيير الذهني يعتمد على تعديل هذه النظرة فبدلا من فكرة أن الحلويات ممنوعة يمكن تبني فكرة أنها متاحة بكمية صغيرة للاستمتاع. وهذا ينقل الشخص من عقلية كل شيء أو لا شيء إلى التوازن. وفي السياق ذاته تلعب برمجة العقل الباطن على النجاح دورا حيويا فترديد عبارات إيجابية مثل أنا قادر على التحكم في خياراتي يعزز السلوكيات الصحية ويجعلها تتحول تدريجيا إلى واقع.
ولا يقتصر دور العقل على الجانب النفسي فقط بل يمتد ليتحكم في العادات اليومية التي تؤثر مباشرة على الوزن. فالنوم الجيد على سبيل المثال يؤثر على توازن هرمونات الجوع والشبع كما أن شرب كميات كافية من الماء يمنع الخلط بين الشعور بالعطش والجوع. كما أن تبني عادات حركية بسيطة كصعود السلالم بدلا من المصعد والمضغ ببطء أثناء تناول الطعام هي قرارات ذهنية تساعد الجسم على حرق السعرات واستيعاب إشارات الشبع بشكل أفضل.
ولتطبيق هذا المنهج عمليا يمكن وضع قواعد شخصية بسيطة مثل عدم الأكل إلا عند الشعور بجوع حقيقي أو تناول نصف الكمية المعتادة والانتظار لبضع دقائق لتقييم مدى الشبع. كما أن تجنب تخزين كميات كبيرة من الأطعمة غير الصحية في المنزل يقلل من فرصة تناولها بشكل عفوي. إن استبدال كلمة رجيم بكلمة أسلوب حياة يساعد العقل على تقبل التغييرات بشكل إيجابي ومستدام.