تعد حصوات الكلى من الحالات الطبية المؤلمة والشائعة حيث تشير التقديرات إلى أنها تصيب شخصا واحدا من كل عشرة أشخاص تقريبا. وتكمن المشكلة الأكبر في احتمالية تكرار الإصابة بها إذ إن من يعاني منها مرة يصبح معرضا بنسبة خمسين بالمئة لتكوّنها مجددا خلال العقد التالي وهو ما يفرض ضرورة اتباع استراتيجيات وقائية فعالة.
إن مفتاح الوقاية من تكرار تكون حصوات الكلى يكمن بشكل أساسي في تبني نظام غذائي مدروس بعناية. فالتعديلات الغذائية ليست مجرد إجراء ثانوي بل هي خط الدفاع الأول ضد هذه المشكلة سواء كانت الحصوات مكونة من أكسالات الكالسيوم وهو النوع الأكثر انتشارا أو من حمض اليوريك. ولا يتطلب الأمر التخلي عن جميع الأطعمة المحببة بل يرتكز على فهم الأطعمة التي يجب الحد منها وتقديم بدائل ذكية وصديقة للكلى.
من الضروري الانتباه إلى كمية الملح في الطعام فالأطعمة الغنية بالصوديوم مثل الوجبات السريعة والأغذية المصنعة والمعلبة تزيد من مستوى الكالسيوم في البول مما يرفع بدوره من خطر تشكل حصوات الكالسيوم. ولتجنب ذلك يوصى بتحضير الوجبات الطازجة في المنزل والاعتماد على الأعشاب والتوابل الخفيفة وعصير الليمون لإضافة النكهة بدلا من الملح مع ضرورة فحص محتوى الصوديوم في الصلصات الجاهزة.
كما يجب الحذر من المشروبات السكرية والمحلاة مثل المشروبات الغازية والعصائر المصنعة. فالاستهلاك المفرط للسكر والفركتوز يزيد من إفراز الكالسيوم في البول بالإضافة إلى أن حمض الفوسفوريك الموجود بكثرة في المشروبات الغازية مثل الكولا يعزز بيئة مناسبة لتكوّن الحصوات. والبديل الأمثل هو شرب كميات وافرة من الماء ويمكن إضافة نكهة طبيعية له بعصير الليمون أو الاستمتاع بالمياه الفوارة غير المحلاة.
يساهم البروتين الحيواني خاصة اللحوم الحمراء ولحوم الأعضاء والمحار في زيادة خطر الإصابة بالحصوات من خلال مسارين الأول هو غناها بالبيورينات التي تتحلل في الجسم إلى حمض اليوريك مسببة حصوات حمض اليوريك. والثاني هو أن استهلاكها يزيد من حمضية البول وهو عامل آخر يساعد على تكون الحصوات. ويمكن استبدال هذه المصادر بالبروتينات النباتية كالعدس والفاصوليا والحمص أو تناول كميات معتدلة من الدواجن والأسماك.
تعتبر الأطعمة التي تحتوي على مستويات عالية من الأكسالات من أبرز المسببات لحصوات أكسالات الكالسيوم. ومن أشهر هذه الأطعمة السبانخ والبنجر والمكسرات والشوكولاتة حيث تتحد الأكسالات مع الكالسيوم داخل الكلى لتشكل بلورات صلبة. وللتقليل من هذا الخطر يمكن اختيار الفواكه والخضروات منخفضة الأكسالات مثل البطيخ والخيار والموز والقرنبيط والعنب وعند الرغبة في تناول طعام غني بالأكسالات يفضل إقرانه بمصدر غني بالكالسيوم كالجبن لتقليل امتصاصه.
كذلك توجد أطعمة أخرى غنية بالبيورينات بشكل خاص مثل السردين والأنشوجة والبيرة والتي ترفع بشكل مباشر مستويات حمض البوليك في الجسم. وللوقاية من هذا النوع من الحصوات ينصح بالتركيز على الترطيب الجيد للجسم وتناول الفواكه الحمضية كالليمون الذي يزيد من مستويات السترات في البول وهي مادة تمنع تكون الحصوات.
أخيرا ينبغي التعامل بحذر مع مكملات فيتامين سي فالجرعات العالية منها قد تتحول داخل الجسم إلى أكسالات مما يساهم في تكوين الحصوات. ومن الأفضل والأكثر أمانا الحصول على حاجة الجسم من فيتامين سي عبر مصادره الطبيعية في الأطعمة الكاملة مثل البرتقال والفراولة والفلفل الحلو.
