
يشكل مرض الحزام الناري تحديا صحيا متزايدا لم يعد يقتصر على فئة كبار السن بل امتد انتشاره ليشمل الشباب في الآونة الأخيرة مثيرا القلق بسبب مضاعفاته الخطيرة. ويرتبط هذا المرض الفيروسي الذي يسبب آلاما حادة وطفحا جلديا بشكل مباشر بالإصابة السابقة بمرض الجديري المائي خلال الطفولة.
يكمن السبب الرئيسي وراء ظهور الحزام الناري في إعادة تنشيط فيروس الجدري المائي المعروف بالهربس النطاقي وهو الفيروس ذاته الذي يسبب الجديري المائي. بعد الشفاء من عدوى الجديري في الصغر يظل الفيروس كامنا وغير نشط داخل الأنسجة العصبية للجسم لسنوات طويلة ثم قد يستيقظ فجأة مسببا الحزام الناري.
ويعد ضعف الجهاز المناعي العامل الأبرز الذي يسمح للفيروس بالنشاط مجددا وهذا الضعف قد ينتج عن التقدم في العمر أو الإصابة بأمراض مزمنة ترهق الجسم مثل السكري وأمراض القلب والكبد والكلى. كما يلعب الإجهاد البدني الشديد والتوتر النفسي دورا مهما في إضعاف دفاعات الجسم مما يهيئ بيئة مناسبة لعودة الفيروس. ويضاف إلى ذلك استخدام بعض الأدوية التي تثبط المناعة مثل الكورتيزون لفترات طويلة أو الأدوية التي يتناولها المرضى بعد عمليات زراعة الأعضاء بالإضافة إلى الأمراض التي تهاجم المناعة مباشرة كفيروس نقص المناعة البشرية والذئبة الحمراء.
تتطور أعراض الحزام الناري على مراحل حيث تبدأ غالبا بشعور بألم حارق أو وخز شديد في منطقة معينة من الجلد وهذا الألم قد يسبق ظهور أي علامات مرئية بعدة أيام. بعد ذلك يظهر طفح جلدي أحمر اللون في نفس المنطقة يتطور سريعا إلى بثور صغيرة مملوءة بسائل شفاف وعادة ما يظهر هذا الطفح على هيئة حزام في جانب واحد فقط من الجذع أو الوجه. يصاحب هذه الأعراض الرئيسية شعور بالحكة والوخز في مكان الطفح وقد يعاني المريض أيضا من أعراض عامة مثل ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وصداع وإحساس بالإرهاق العام وحساسية شديدة عند لمس المنطقة المصابة أو حتى عند احتكاك الملابس بها.
تكمن خطورة الحزام الناري في مضاعفاته المحتملة التي تستدعي علاجا فوريا لتجنبها وأبرز هذه المخاطر هو الألم العصبي الذي قد يستمر لأسابيع أو شهور طويلة حتى بعد اختفاء الطفح الجلدي تماما. وإذا أصاب الفيروس الأعصاب القريبة من العين فإنه قد يسبب التهابا يعرف بالهربس العيني وهو حالة خطيرة قد تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم تعالج بشكل صحيح. ومن المخاطر الأخرى حدوث عدوى بكتيرية ثانوية في البثور المفتوحة إذا لم يتم الحفاظ على نظافتها وفي حالات نادرة جدا لدى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة قد يتطور الأمر إلى التهاب في الدماغ أو الرئة.
تعتمد خطة علاج الحزام الناري على عدة محاور تبدأ بتناول الأدوية المضادة للفيروسات التي يصفها الطبيب للمساعدة في تقصير مدة المرض وتقليل شدته إلى جانب استخدام مسكنات الألم للسيطرة على الأوجاع الحادة. ولتخفيف الأعراض الموضعية يمكن استخدام الكمادات الباردة على المنطقة المصابة لتهدئة الحكة والتهيج مع ضرورة الحفاظ على نظافة البثور وتجنب حكها لمنع العدوى البكتيرية. وفي الحالات التي يعاني فيها المريض من ألم عصبي شديد قد يلجأ الطبيب إلى وصف أدوية مخصصة مثل جرعات منخفضة من بعض مضادات الاكتئاب أو مضادات الصرع.
أما بالنسبة للوقاية فإن أهم خطوة هي الحصول على التطعيم ضد الحزام الناري والذي يوصى به بشكل خاص للأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من العمر أو الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. وبشكل عام يمكن تقليل فرصة تنشيط الفيروس من خلال تعزيز مناعة الجسم باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن والحصول على قسط كاف من النوم وممارسة النشاط البدني بانتظام. كما أن إدارة التوتر وتجنب الإرهاق الشديد يلعبان دورا في الحفاظ على قوة الجهاز المناعي وينبغي على الأشخاص الذين لم يصابوا بالجديري المائي أو لم يحصلوا على لقاحه تجنب ملامسة بثور الشخص المصاب بالحزام الناري.