
كشف محمد شكري أحد المتعافين من الإدمان عن وقائع مأساوية وأسرار صادمة من العالم المظلم لتعاطي المخدرات مؤكدا أن تداعيات الإدمان لا تتوقف عند حدود تجارة الأعضاء بل تمتد إلى ما هو أبشع وهو تجارة البشر حيث يقدم بعض الآباء على رهن أبنائهم لدى التجار.
في تفاصيل مروعة رواها شكري من واقع خبرته وتجاربه داخل مجموعات الدعم التي تعرف باسم المجهولية تحدث عن آباء وصل بهم الحال إلى مقايضة أبنائهم مقابل الحصول على جرعة مخدرات بسيطة وفي حادثة غير مسبوقة ذكر قصة أب قام برهن ابنه الصغير لتاجر مخدرات نظير مبلغ زهيد قدره عشرون جنيها فقط ليتمكن من شراء جرعته موضحا أن بعض الآباء يتركون أطفالهم بشكل كامل لدى التجار مما يعرض هؤلاء الأطفال لمخاطر جسيمة قد تصل إلى الإيذاء الجسدي أو حتى القتل ووصف هذا السلوك بأنه القاع الذي يبلغه المدمن حيث يصبح كل تركيزه منصبا على تأمين الجرعة التالية متجاهلا أي شيء آخر في حياته حتى لو كان فلذة كبده.
وتحدث شكري عن وجود أماكن سرية للمتعافين تعرف بغرف العربجية وهي في الأساس قاعات اجتماعات لزمالة المدمنين المجهولين المنتشرة في أنحاء متفرقة من محافظات مصر وأوضح أن هذه الغرف لا تتبع أي جهة حكومية أو مؤسسة رسمية إنما هي مبادرات خيرية خالصة يقودها مدمنون متعافون يقومون باستئجار قاعات وتجهيزها لتكون ملاذا آمنا للمدمنين الساعين للتعافي وتقدم لهم الدعم النفسي والمعنوي اللازم.
ويقوم المدمنون داخل هذه المجموعات بالتواصل المستمر وتقديم المساندة لبعضهم البعض على مدار الساعة انطلاقا من قناعة راسخة بأن المدمن هو الشخص الأكثر قدرة على فهم معاناة مدمن آخر وتقديم المساعدة الفعالة له وتعتمد هذه الغرف في عملها على برنامج علاجي عالمي يعرف بالخطوات الاثنتي عشرة وضعه في الأساس مدمنون متعافون ويعد كتاب الزمالة الزرقاء مرجعهم الرئيسي ودليلهم في رحلة التعافي.
ولم يقتصر دور محمد شكري على التعافي الشخصي بل اتخذ خطوة أبعد ليتحول هو نفسه إلى معالج يساعد الآخرين على التخلص من الإدمان مرجعا هذا التحول إلى قوة البرنامج العلاجي المكون من اثنتي عشرة خطوة والذي تبدأ أولى خطواته بالاعتراف الصريح والكامل بالعجز عن مواجهة الإدمان وأكد أن هذا الاعتراف ليس مجرد كلمات تردد بل هو قرار حقيقي بالاستسلام التام وطلب المساعدة بعد استنفاد كل المحاولات الفردية الفاشلة.
وأشار إلى أن الثقة الكبيرة في هذا البرنامج العلاجي وفي غرف الدعم تنبع من وجود معالجين ومتعافين يملكون خبرات سابقة عميقة حيث وصلوا بأنفسهم إلى قاع الإدمان ثم نجحوا في الخروج منه وهؤلاء يمثلون شعاع النور في نهاية النفق المظلم لأنهم الدليل الحي على أن التعافي أمر ممكن بعكس الأطباء الذين قد لا يتمكنون من فهم ما يمر به المدمن لعدم خوضهم التجربة ذاتها وتوفر هذه الغرف مساحة آمنة للمدمنين للحديث عن قصصهم وقاعهم المشترك دون أي شعور بالخوف أو الخجل مما يسهل عليهم عملية الفضفضة والتخفف من أعبائهم النفسية.
وفي سياق متصل لفت شكري إلى التكاليف الباهظة التي أنفقها خلال فترة إدمانه وأنه لم يدرك قيمة تلك الأموال الطائلة التي أهدرها إلا بعد أن بدأ مرحلة التعافي ووجه دعوة للمدمنين بضرورة رفع الراية البيضاء والاعتراف بالعجز أمام الإدمان والبحث فورا عن المساعدة في الأماكن العلاجية المرخصة من أجل البدء في كتابة صفحة جديدة ونظيفة في حياتهم.