
يواجه الكثير من الأطفال في مراحلهم العمرية المختلفة مشكلة الإمساك التي تعد من الاضطرابات الصحية الشائعة والمقلقة للآباء والأمهات، ورغم بساطتها الظاهرية فإن استمرارها قد يؤثر سلبا على صحة الطفل النفسية والجسدية وراحته اليومية، لذلك فإن فهم أسبابها وطرق علاجها والوقاية منها يعد خطوة أساسية للتعامل معها بوعي واهتمام.
تتعدد الأسباب التي تقف وراء إصابة الطفل بالإمساك وتتراوح بين العادات اليومية والحالات الطبية، ويأتي على رأس هذه الأسباب النظام الغذائي غير الصحي الذي يفتقر إلى الألياف الموجودة في الخضروات والفواكه مع الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة والدهنية، كما يلعب نقص السوائل وعدم شرب كميات كافية من الماء دورا كبيرا في جفاف البراز وزيادة صلابته، وقد تحدث المشكلة نتيجة تغيرات في روتين الطفل اليومي مثل السفر أو بدء الدراسة، أو بسبب تجاهله المتكرر للرغبة في دخول الحمام خوفا من الألم أو لانشغاله باللعب، وفي حالات نادرة قد يكون الإمساك عرضا لمشكلة طبية كامنة مثل قصور الغدة الدرقية أو وجود تشوهات خلقية في الأمعاء.
يمكن للأهل التعرف على مشكلة الإمساك لدى طفلهم من خلال مجموعة من الأعراض الواضحة، أبرزها انخفاض عدد مرات التبرز إلى أقل من ثلاث مرات في الأسبوع الواحد، بالإضافة إلى خروج براز جاف وصلب أو متقطع يشبه الحصى، وغالبا ما يصاحب هذه الحالة شعور الطفل بألم وانتفاخ في منطقة البطن وقد يفقد شهيته للطعام أو يشعر بالغثيان، وفي بعض الأحيان قد تظهر قطرات من الدم على سطح البراز نتيجة لحدوث شق شرجي بسبب صعوبة الإخراج، كما يظهر على الطفل القلق أو يبكي أثناء محاولته التبرز.
تعتمد الحلول الفعالة بشكل أساسي على تعديل النظام الغذائي والعادات اليومية للطفل، حيث يعد الإكثار من الأطعمة الغنية بالألياف ضروريا لتليين البراز وتسهيل حركته، ومنها الخضروات مثل الكوسة والجزر والفواكه كالتين والخوخ والكمثرى، وينصح أيضا بالاعتماد على الحبوب الكاملة مثل الشوفان والخبز الأسمر، إلى جانب ذلك يجب ضمان شرب الطفل كميات وفيرة من الماء على مدار اليوم ويمكن تقديم العصائر الطبيعية كعصير البرقوق للمساعدة.
إلى جانب الغذاء يأتي دور العادات الصحية في العلاج، ومن أهمها تشجيع الطفل على الجلوس في الحمام لوقت منتظم يوميا ويفضل أن يكون ذلك بعد الوجبات الرئيسية لتعويد الأمعاء على روتين ثابت، كما أن تعديل وضعية الجلوس باستخدام مقعد صغير تحت قدمي الطفل يساعد في تسهيل عملية الدفع، ولا يمكن إغفال أهمية النشاط البدني والحركة المستمرة مثل الجري والقفز في تحفيز نشاط الأمعاء.
يمكن دعم هذه الإجراءات ببعض العلاجات المنزلية البسيطة والآمنة مثل إضافة القليل من زيت الزيتون إلى طعام الطفل أو تقديم منقوع بعض الأعشاب المهدئة للمعدة كالبابونج واليانسون، ويمكن إعطاء ملعقة صغيرة من العسل يوميا للأطفال الأكبر من عام للمساعدة في تحسين حركة الأمعاء، وفي الحالات التي لا تستجيب للتغييرات الأولية قد يلجأ الطبيب إلى وصف أدوية مثل الملينات الخفيفة التي تعتبر آمنة تحت إشراف طبي، بينما لا يتم استخدام التحاميل أو الحقن الشرجية إلا في حالات الضرورة القصوى.
الدعم النفسي للطفل يلعب دورا حيويا إذ أن الخوف من الألم قد يدفعه لتجنب الحمام مما يفاقم الحالة، لذلك يجب على الأهل طمأنة الطفل وتجنب توبيخه أو الضغط عليه، مع مكافأته وتشجيعه عند التزامه بالعادات الصحية الجديدة، فالتعامل الإيجابي يساعد الطفل على تجاوز المشكلة دون أن تترك أثرا نفسيا سلبيا لديه.
توجد حالات معينة تتطلب تدخلا طبيا عاجلا ولا يجب التعامل معها في المنزل، ويجب استشارة الطبيب فورا إذا استمر الإمساك لأكثر من أسبوعين رغم اتباع الإرشادات، أو إذا كان مصحوبا بألم شديد في البطن أو قيء متكرر، كذلك يعد فقدان الوزن وضعف النمو أو ظهور الدم بشكل متكرر في البراز من المؤشرات التي تستدعي الفحص الطبي الدقيق.