الألم المزمن عند النساء: العلم يكشف أخيرا سر معاناتهن أكثر من الرجال

الألم المزمن عند النساء: العلم يكشف أخيرا سر معاناتهن أكثر من الرجال
الألم المزمن عند النساء: العلم يكشف أخيرا سر معاناتهن أكثر من الرجال

أظهرت نتائج دراسات علمية حديثة أن النساء يعانين من حساسية مفرطة تجاه الألم مقارنة بالرجال وهو ما يتناقض مع الفكرة القديمة السائدة بأن تجارب مثل الولادة وآلام الدورة الشهرية تمنحهن قدرة أكبر على التحمل. هذه الحقيقة العلمية المثبتة تثير تساؤلاً جوهرياً حول الأسباب الكامنة وراء هذا الاختلاف في استجابة الجسم للألم بين الجنسين.

ويكشف الباحثون عن وجود اختلافات عميقة في طريقة عمل الدماغ والجهاز المناعي وكذلك في طبيعة مستقبلات الألم لدى كل من الرجل والمرأة. وأوضح شون ماكي من جامعة ستانفورد أن المسألة لا تقتصر على درجة الإحساس بالألم بل تمتد لتشمل أنماطاً عصبية مختلفة تماماً تتشكل في الدماغ عند الشعور بالألم مما يفسر التباين في تجربة الألم نفسها.

وتلعب الهرمونات دوراً محورياً في هذه الفروقات البيولوجية حيث لوحظ أن نوبات الصداع النصفي تزداد وتيرتها لدى النساء بشكل واضح بعد سن البلوغ. كما أن شدة الألم المزمن الذي تعاني منه بعض النساء قد تتغير وتتأرجح ارتفاعاً وانخفاضاً تبعاً لمراحل الدورة الشهرية المختلفة مما يؤكد الارتباط الوثيق بين التقلبات الهرمونية وتجربة الألم.

ويؤكد البروفيسور جيفري موغيل من جامعة مكغيل أن تفوق حساسية النساء للألم أصبح حقيقة مثبتة علمياً بشكل قاطع. وتشير الإحصائيات إلى أن ربع البالغين في الولايات المتحدة يعانون من آلام مزمنة مع كون النساء الفئة الأكثر عرضة لهذه المعاناة. علاوة على ذلك هناك عوامل جينية ومناعية أخرى تسهم في هذا التفاوت وتؤثر بشكل مباشر في كيفية شعور النساء بالألم.

وتظهر الأبحاث أن حوالي نصف الأمراض المزمنة المعروفة مثل الصداع النصفي والتهاب المفاصل الروماتويدي ومتلازمة القولون العصبي تنتشر بشكل أكبر بين النساء بينما لا تتجاوز نسبتها لدى الرجال عشرين بالمئة فقط. ومن الأمثلة البارزة على ذلك بروتين CGRP الذي يحفز نوبات صداع نصفي شديدة لدى الإناث بينما لا يسبب التأثير ذاته لدى الذكور وهو اكتشاف أدى إلى تطوير علاجات دوائية جديدة وفعالة موجهة للنساء خصيصاً.

وكثيراً ما تواجه النساء تحديات وصعوبات في الحصول على تشخيص طبي دقيق لحالات مرضية معينة تصيبهن بنسبة أكبر مثل متلازمة الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالغيا وكذلك متلازمة القولون العصبي. ولهذا السبب ينصح الأطباء النساء باتباع استراتيجيات عملية لإدارة الألم والتواصل الفعال مع مقدمي الرعاية الصحية.

وتشمل هذه الإرشادات تدوين الأعراض والأسئلة بشكل مسبق قبل موعد الطبيب والتعبير بوضوح وصراحة عن مدى شدة الألم وتأثيره السلبي على جودة الحياة اليومية. ويوصى أيضاً باصطحاب شخص مرافق للموعد الطبي للمساعدة في تدوين الملاحظات وتقديم الدعم النفسي والمعنوي عند اتخاذ القرارات العلاجية بالإضافة إلى عدم التردد في البحث عن طبيب آخر إذا شعرن بأن شكواهن لا تؤخذ على محمل الجد.