
يعتبر الاستيقاظ المتكرر ليلا للتبول أمرا يتجاهله الكثيرون ويعزونه ببساطة لشرب السوائل قبل النوم لكن هذه العادة المعروفة طبيا بالتبول الليلي قد تكون في الواقع جرس إنذار مبكر ينبه إلى وجود حالات صحية خطيرة قد تتطور بصمت وتهدد حياة الإنسان إذا لم يتم تشخيصها مبكرا.
يُعرَّف التبول الليلي أو ما يسمى بـ Nocturia بأنه الحاجة إلى الاستيقاظ مرة واحدة أو أكثر خلال ساعات النوم من أجل إفراغ المثانة وفي الوضع الطبيعي يفترض أن يكون الجسم قادرا على الاحتفاظ بالبول طوال الليل دون انقطاع النوم خاصة لدى الأفراد الذين تقل أعمارهم عن ستين عاما وعندما يصبح هذا الاستيقاظ عادة يومية تتكرر مرتين أو أكثر فإن الأمر قد يتجاوز الإزعاج ليكون مؤشرا على خلل وظيفي في الجسم.
قد يرتبط التبول الليلي المستمر بمشكلات صحية بالغة الخطورة مثل داء السكري بنوعيه الأول والثاني حيث يحاول الجسم التخلص من فائض السكر في الدم عن طريق البول مما يزيد من عدد مرات الذهاب إلى الحمام. كما يعد فشل القلب أحد الأسباب الكامنة فمرضى القلب يعانون من تجمع السوائل في الأطراف السفلية خلال النهار وعند الاستلقاء ليلا تعود هذه السوائل إلى الدورة الدموية لتتم تصفيتها عبر الكلى مما يسبب زيادة ملحوظة في إنتاج البول.
ولا يمكن إغفال دور أمراض الكلى التي تضعف قدرتها على تركيز البول بشكل فعال مما يؤدي إلى زيادة وتيرته. وبالنسبة للرجال قد يكون التبول الليلي أحد الأعراض الأولية لسرطان البروستاتا أو سرطان المثانة. كما أن اضطرابات التنفس أثناء النوم مثل انقطاع النفس النومي تسبب تغيرات هرمونية تحفز المثانة على العمل ليلا.
إلى جانب ذلك قد تكون بعض الأدوية هي السبب المباشر خصوصا مدرات البول التي توصف عادة لمرضى ارتفاع ضغط الدم فتناولها في وقت متأخر من اليوم يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة الحاجة للتبول أثناء الليل.
يصبح من الضروري استشارة الطبيب فورا إذا ترافقت ظاهرة التبول الليلي مع أعراض أخرى مقلقة مثل الشعور بالعطش الشديد والإرهاق الدائم أو فقدان الوزن غير المبرر. كما يجب الانتباه لظهور آلام في منطقة الحوض أو الظهر أو ملاحظة أي تغير في لون البول كوجود دم فيه. ومن العلامات التي تستدعي القلق أيضا صعوبة بدء عملية التبول أو ضعف تدفقه.
وللتعامل مع هذه المشكلة ينصح الخبراء باتباع عدة خطوات وقائية مثل الامتناع عن شرب كميات كبيرة من السوائل قبل ساعتين على الأقل من موعد النوم والحد من استهلاك المشروبات المحتوية على الكافيين والأطعمة المالحة. ومن المهم أيضا إجراء فحوصات دورية لقياس مستوى السكر في الدم وتقييم وظائف الكلى والبروستاتا لدى الرجال. وفي حال الشك بوجود اضطرابات في النوم قد يكون من الضروري الخضوع لاختبار متخصص لكشف حالات انقطاع النفس النومي.