
يعد خمول الغدة الدرقية واحدا من الاضطرابات الصحية واسعة الانتشار والتي تؤثر على الرجال والنساء على حد سواء وإن كانت أكثر شيوعا بين النساء. وتكمن خطورة هذه الحالة في أن أعراضها غالبا ما تكون خادعة وغير واضحة حيث تتشابه مع علامات أمراض أخرى كثيرة مما يؤدي إلى تأخر التشخيص وتعريض المريض لمضاعفات خطيرة.
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى قصور نشاط الغدة الدرقية ويأتي في مقدمتها أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب هاشيموتو الذي يدفع جهاز المناعة لمهاجمة خلايا الغدة نفسها. كما يلعب نقص عنصر اليود في النظام الغذائي دورا رئيسيا لأنه مكون أساسي لهرمونات الغدة. وتتضمن الأسباب الأخرى الخضوع لعمليات استئصال جزئي أو كلي للغدة بسبب الأورام أو تلقي العلاج الإشعاعي في منطقة الرقبة والصدر بالإضافة إلى تأثير بعض الأدوية مثل الليثيوم وأدوية القلب. ولا يمكن إغفال دور العوامل الوراثية والتاريخ العائلي في زيادة احتمالية الإصابة بالمرض أو وجود اضطرابات في الغدة النخامية المسؤولة عن تحفيز الغدة الدرقية.
تظهر أعراض قصور الغدة الدرقية بشكل تدريجي ما يجعل اكتشافها صعبا وتشمل التغيرات الجسدية الواضحة زيادة غير مبررة في الوزن رغم عدم تغير العادات الغذائية وجفاف وخشونة البشرة مع تساقط الشعر وضعفه. وقد يلاحظ المريض تورما في الوجه وانتفاخا حول العينين وبرودة مستمرة في الأطراف وبطء في ضربات القلب أو انتفاخا ملحوظا في الرقبة إذا حدث تضخم للغدة.
لا تقتصر التأثيرات على المظهر الخارجي بل تمتد لتشمل وظائف الجسم الداخلية والحالة النفسية حيث يعاني المصابون من إرهاق مستمر وشعور بالكسل حتى بعد النوم لساعات كافية. كما يشيع الشعور بالاكتئاب وتقلب المزاج وصعوبة في التركيز. وتتأثر حركة الأمعاء مسببة إمساكا مزمنا وقد تلاحظ خشونة وبحة في الصوت. وعند النساء قد يؤدي خمول الغدة إلى اضطراب الدورة الشهرية أو تأخرها.
إن إهمال تشخيص وعلاج خمول الغدة الدرقية قد يفتح الباب أمام مضاعفات صحية خطيرة منها تدهور صحة القلب والأوعية الدموية نتيجة ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار والإصابة بالوذمة المخاطية وهي تورم شديد في الوجه والأطراف. وقد تواجه النساء صعوبات في الإنجاب أو مضاعفات في الحمل مثل الإجهاض وتسمم الحمل كما قد يؤثر المرض على نمو الطفل العقلي والجسدي إذا كانت الأم مصابة خلال فترة الحمل. وفي حالات نادرة ومتقدمة قد يدخل المريض في غيبوبة الوذمة المخاطية وهي حالة طارئة تهدد الحياة.
يعتمد علاج قصور الغدة الدرقية بشكل أساسي على العلاج الهرموني التعويضي لتعويض النقص في هرمونات الغدة مع ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب لضبط الجرعة المناسبة من خلال تحاليل الدم. وفي حال كان السبب نقص اليود يتم تصحيحه عبر المكملات الغذائية أو تناول أطعمة غنية به كالأسماك البحرية. وإلى جانب العلاج الدوائي تلعب الوقاية والتغذية السليمة دورا حيويا عبر تناول أطعمة تحتوي على السيلينيوم والزنك مثل المكسرات والبيض. وينصح بالخضوع للفحص المبكر خاصة عند وجود تاريخ عائلي للمرض والحفاظ على وزن صحي وممارسة النشاط البدني بانتظام.