
يُعد المغنيسيوم عنصراً محورياً للصحة العامة وركيزة أساسية لعمل الجسم بكفاءة حيث يشارك في مئات التفاعلات الكيميائية الحيوية التي تضمن استقرار وظائف الأعضاء. على الرغم من وجوده بكميات أقل مقارنة بمعادن أخرى إلا أن تأثيره يمتد من صحة الخلايا والأنسجة إلى تنظيم الحالة المزاجية ودعم إنتاج الطاقة.
أكد خبراء التغذية العلاجية أن نقص المغنيسيوم في الجسم قد يفتح الباب أمام مجموعة من المشاكل الصحية التي تشمل الشعور الدائم بالإرهاق والقلق المستمر واضطرابات النوم بالإضافة إلى التأثير السلبي على قوة العظام. ونظراً لأن الجسم لا ينتج هذا المعدن الحيوي بنفسه فإنه يعتمد كلياً على المصادر الخارجية مثل النظام الغذائي والمكملات الغذائية لتلبية احتياجاته اليومية.
للمغنيسيوم دور لا غنى عنه في دعم صحة القلب والأوعية الدموية فهو يساهم في الحفاظ على انتظام إيقاع ضربات القلب وهي العضلة الأكثر نشاطاً في الجسم. يعمل هذا المعدن على إرخاء جدران الأوعية الدموية مما يسهل تدفق الدم ويساعد على خفض مستويات ضغط الدم المرتفع. وتشير الأبحاث العلمية إلى أن الحصول على كميات كافية منه يقلل من مخاطر الإصابة بأمراض الشريان التاجي والسكتات الدماغية كما يلعب دوراً في الحد من تراكم الكوليسترول الضار الذي يؤدي إلى تصلب الشرايين.
تعتبر وظيفة العضلات والأعصاب من المجالات الحيوية التي يعتمد عليها المغنيسيوم بشكل مباشر فهو ضروري لنقل الإشارات العصبية بين الدماغ والعضلات مما يضمن سلاسة عملية الانقباض والاسترخاء العضلي. يؤدي نقص مستوياته غالباً إلى ظهور أعراض مزعجة مثل التشنجات العضلية وارتعاش الأطراف والشعور بضعف عام. كما أنه يحافظ على التوازن الدقيق بين الكالسيوم والبوتاسيوم داخل الخلايا وهو أمر أساسي لعمل الجهاز العصبي والعضلي بصورة طبيعية.
يلعب المغنيسيوم دوراً جوهرياً في عملية إنتاج الطاقة داخل كل خلية من خلايا الجسم. الطاقة التي نستخدمها للحركة والتفكير تأتي من جزيء يسمى ATP ولا يمكن للجسم تفعيل هذا الجزيء واستخدامه كمصدر للوقود بدون وجود المغنيسيوم. لهذا السبب يرتبط نقص هذا المعدن ارتباطاً وثيقاً بالشعور بالتعب والإرهاق المزمن حتى مع الحصول على قسط كافٍ من الراحة.
على الرغم من أن الكالسيوم هو المعدن الأكثر شهرة عندما يتعلق الأمر بصحة العظام فإن المغنيسيوم لا يقل عنه أهمية. فهو يساهم بشكل فعال في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء ويدخل في عملية تكوين العظام والأسنان. إن انخفاض مستويات المغنيسيوم لفترات طويلة يزيد من خطر انخفاض الكثافة العظمية ويرفع من احتمالية الإصابة بهشاشة العظام خاصة لدى النساء بعد انقطاع الطمث.
يساهم المغنيسيوم أيضاً في تنظيم مستويات السكر في الدم عبر تحسين حساسية الجسم لهرمون الأنسولين. تظهر الدراسات أن الأفراد الذين يعانون من نقص المغنيسيوم هم أكثر عرضة لتطوير مرض السكري من النوع الثاني. وبالنسبة للمصابين بالمرض فإن تناول كميات كافية من هذا المعدن يساعد في التحكم بشكل أفضل في مستويات الجلوكوز ويقلل من خطر حدوث مضاعفات طويلة الأمد.
تمتد فوائد المغنيسيوم لتشمل الصحة النفسية والعقلية حيث يشارك في إنتاج نواقل عصبية مسؤولة عن تحسين المزاج مثل السيروتونين. وقد تم ربط انخفاض مستوياته بزيادة الشعور بالقلق والتوتر وصعوبات النوم والأرق. لذلك يعتبر الحفاظ على مستويات كافية منه جزءاً مهماً من استراتيجية دعم التوازن النفسي ومقاومة الضغوط اليومية.
يتمتع المغنيسيوم بخصائص مضادة للالتهابات مما يجعله حليفاً في الوقاية من الأمراض المزمنة المرتبطة بالالتهابات مثل أمراض القلب والسكري. كما أنه يدعم صحة الجهاز الهضمي من خلال المساعدة على إرخاء العضلات الملساء في الأمعاء مما يساهم في تنظيم حركتها وعلاج حالات الإمساك.
بالنسبة لصحة المرأة يلعب المغنيسيوم دوراً خاصاً في تخفيف أعراض متلازمة ما قبل الدورة الشهرية مثل التشنجات والصداع والتوتر. كما أنه عنصر مهم للنساء في سن اليأس للمساعدة في حماية العظام من الهشاشة.
يمكن الحصول على المغنيسيوم بسهولة من مصادر غذائية طبيعية ومتنوعة تشمل المكسرات مثل اللوز والكاجو والبذور مثل بذور اليقطين والكتان والخضروات الورقية الداكنة كالسبانخ. كما يتواجد في البقوليات مثل العدس والحمص والحبوب الكاملة كالشوفان والكينوا وبعض أنواع المأكولات البحرية كالسلمون.
تختلف الكمية اليومية الموصى بها من المغنيسيوم باختلاف العمر والجنس حيث يحتاج الرجال البالغون إلى حوالي 400 إلى 420 ملغ يومياً بينما تحتاج النساء البالغات إلى 310 إلى 320 ملغ يومياً وتتراوح احتياجات الأطفال والمراهقين بين 80 و360 ملغ.