
أصبحت مهمة تحضير صندوق طعام المدرسة أو اللانش بوكس تحديا يوميا يواجه الأمهات خلال العام الدراسي حيث يتطلب الأمر عناية فائقة لضمان حصول الطفل على تغذية سليمة تدعم تركيزه ونشاطه وتمنحه الطاقة اللازمة لمواصلة يومه الدراسي بنجاح وحيوية.
ظهرت في الآونة الأخيرة عادات غذائية سلبية مرتبطة بمحتويات اللانش بوكس حيث أصبح من الشائع أن يحتوي على أطعمة دسمة ومقليات ولحوم مصنعة وهذا التوجه يعكس عدم وعي كاف بالمخاطر الصحية التي قد تترتب على استهلاك هذه الأنواع من الأطعمة بشكل منتظم.
وتوضح أخصائية التغذية العلاجية الدكتورة مرام عيسى أن إعداد وجبة مدرسية متوازنة يعد مسؤولية كبيرة لا ينبغي الاستهانة بها إذ إنها الوقود الأساسي للطالب خلال ساعات الدراسة الطويلة. وتشير إلى أن العديد من الآباء والأمهات يفضلون اللجوء للخيارات السريعة مثل اللانشون والسلامي أو الأطعمة المقلية كالبطاطس والناجتس لسهولة تحضيرها وإقبال الأطفال عليها لكن هذه السهولة تخفي وراءها أضرارا صحية ونفسية عديدة قد تظهر على المدى القصير أو تتراكم لتسبب مشكلات مستقبلية.
وفيما يتعلق باللحوم المصنعة فإنها تشكل خطرا كبيرا عند تقديمها للأطفال بانتظام. فأغلب هذه المنتجات غنية بالدهون المشبعة والكوليسترول ما يساهم في زيادة الوزن ورفع خطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة مستقبلا من خلال تراكم الدهون في الشرايين. كما أن قيمتها الغذائية ضعيفة مقارنة بالبروتينات الطازجة فهي تفتقر للفيتامينات والمعادن الضرورية لنمو الجسم ودعم وظائف الدماغ. وتحتوي هذه اللحوم أيضا على نسب مرتفعة من الصوديوم والأملاح مثل الموجودة في الهوت دوج والسلامي وهذا الأمر قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ويؤثر سلبا على صحة الأوعية الدموية حتى في سن مبكرة. الخطر الأبرز يكمن في المواد الحافظة كالنيتريت والنترات التي تضاف للحفاظ على اللون والنكهة حيث يمكن أن تتحول داخل الجسم إلى مركبات ضارة مرتبطة بزيادة احتمالية الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة مع الاستهلاك المفرط.
أما بالنسبة للأطعمة المقلية فلا تقل خطورتها عن اللحوم المصنعة. فالوجبات المقلية والدسمة ترهق الجهاز الهضمي وتجبر الجسم على استهلاك طاقة كبيرة لهضمها مما يؤدي إلى شعور الطفل بالخمول وتراجع قدرته على التركيز والانتباه خلال الفصول الدراسية. كما أن عملية القلي العميق قد تكون سببا في تكوين دهون متحولة ضارة بصحة القلب وتضعف جهاز المناعة وتزيد من خطر الإصابة باضطرابات التمثيل الغذائي. بالإضافة إلى ذلك تحتوي المقليات على سعرات حرارية عالية جدا تزيد من احتمالية زيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال خاصة عند تناولها بشكل دوري كما أنها قد تسبب مشكلات هضمية مثل عسر الهضم والإمساك بسبب غياب الألياف الغذائية الهامة.
ولتجنب هذه المخاطر تقترح الدكتورة مرام عيسى مجموعة من البدائل الصحية التي تضمن وجبة مدرسية مغذية وآمنة. يمكن استبدال اللحوم المصنعة بمصادر بروتين طبيعية مثل البيض المسلوق أو الفول أو الجبن القريش. وينصح باختيار مصادر الكربوهيدرات الجيدة التي تمنح طاقة مستدامة مثل خبز الحبوب الكاملة أو التورتيلا المصنوعة من القمح. ومن الضروري إضافة الخضروات والفواكه الطازجة مثل شرائح الجزر والخيار والفلفل الملون إلى جانب حبات العنب أو شرائح التفاح والبرتقال. كما يمكن تعزيز الوجبة بدهون صحية مفيدة للدماغ مثل المكسرات غير المملحة أو زبدة الفول السوداني الطبيعية أو قليل من الأفوكادو المهروس.