مع قدوم فصل الصيف وتغير العادات اليومية يلاحظ العديد من الآباء فقدان أطفالهم للشهية وهو ما يثير قلقهم ويدفعهم لتفسير الأمر على أنه مشكلة مرتبطة بالوزن. لكن خبراء التغذية يؤكدون أن هذا الهوس بالميزان يمثل الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الأهل بدلاً من التركيز على الصحة الحقيقية للطفل.
وتقدم خبيرة التغذية آنا لوزون نصيحة جوهرية للأهل تتمثل في ضرورة تغيير طريقة التفكير بشكل كامل. فبدلاً من طرح سؤال كيف أجعل طفلي يكتسب وزناً يجب أن تكون الأسئلة أكثر عمقاً مثل هل يحصل طفلي على غذاء صحي ومتنوع وكافٍ وهل نحترم إشارات الجوع والشبع التي يرسلها جسده وهل نسمح له بالنمو وفق وتيرته الخاصة دون وضعه في مقارنات مستمرة مع الآخرين.
وتشدد لوزون على أن الاعتماد على الكيلوغرامات كمقياس وحيد لصحة الطفل هو نظرة قاصرة للغاية. فبدلاً من ذلك يجب تقييم مؤشرات أخرى أكثر أهمية مثل مستوى طاقة الطفل وقدرته على اللعب والتعلم ومدى شعوره بالراحة بالإضافة إلى طبيعة علاقته بالطعام والبيئة العاطفية الآمنة التي ينشأ فيها.
وتشير خبيرة التغذية إلى أن التنوع الجسدي بين الأطفال هو القاعدة الطبيعية وليس الاستثناء فلكل طفل نمطه الخاص في النمو تماما مثل البالغين. وتوضح أن إجبار الأطفال على التوافق مع معايير وزن مثالية هو تجاهل لهذا التنوع البيولوجي وأن عدم زيادة وزن الطفل بالمعدل الذي يتوقعه الأهل لا يعني بالضرورة وجود مشكلة صحية.
إن بناء صحة حقيقية ومستدامة للأطفال لا يأتي من خلال التركيز على أرقام الميزان بل من خلال ترسيخ عادات سليمة. ويشمل ذلك توفير بيئة تشجع على الاستمتاع بالطعام دون ضغط والحصول على قسط وافر من النوم وممارسة النشاط البدني بانتظام والشعور بالأمان العاطفي والدعم من الأسرة.
وتحذر الخبيرة من الثقافة المجتمعية السائدة التي تربط بين الوزن والرفاهية بشكل خاطئ وهو ما يضع الآباء في دائرة قلق مستمرة. يبدأ القلق من عدم زيادة وزن الطفل بالقدر الكافي ثم يتحول لاحقاً إلى خوف من أن يكتسب وزناً زائداً مما يرسخ لدى الطفل فكرة أن جسده دائماً ناقص أو غير مطابق للمقاييس المثالية.
وتؤكد لوزون أن التوقف عن سياسة الإجبار والبدء في نهج المرافقة والدعم هو الاستثمار الحقيقي في مستقبل الأبناء. هذا الأسلوب يساعد الأطفال على تكوين علاقة إيجابية ومرنة مع الطعام ومع أجسادهم تستمر معهم مدى الحياة وتجنبهم الكثير من المشاكل النفسية والجسدية المرتبطة بصورة الجسد.
