
مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد تتجدد مخاوف الأسر بشأن صحة أبنائهم حيث تتحول المدارس إلى بيئة خصبة لانتشار العدوى والأمراض الموسمية. هذا التحدي الصحي يضع على عاتق الأهالي مسؤولية كبيرة لتعزيز الجهاز المناعي لدى أطفالهم باعتباره حائط الصد الأول في مواجهة الفيروسات والجراثيم المنتشرة بين الأقران في الفصول والملاعب.
يشير خبراء طب الأطفال إلى أن الاحتكاك المباشر بين الطلاب أمر لا مفر منه في البيئة المدرسية وهو ما يزيد من احتمالية انتقال أمراض شائعة مثل نزلات البرد والإنفلونزا والتهابات الحلق والمشكلات المعوية. لذلك يبرز دور تقوية مناعة الأطفال كخط دفاع أساسي لحمايتهم وهو ما يتطلب نهجًا متكاملًا يجمع بين التغذية السليمة والنظافة الشخصية والراحة الجسدية والنفسية.
تعتبر العادات الصحية اليومية وسيلة فعالة لقطع الطريق أمام الجراثيم قبل وصولها للجسم ويأتي في مقدمتها تعليم الطفل أهمية غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون قبل تناول الطعام وبعده وبعد العودة من اللعب في الخارج أو استخدام المرحاض. كما يجب التأكيد على ضرورة استخدام المناديل الورقية عند السعال أو العطس والتخلص منها بشكل فوري وعدم مشاركة الأدوات الشخصية كزجاجات المياه والمناشف مع زملائه مع الحرص على تقليم الأظافر ونظافتها بانتظام.
يلعب الغذاء دور الوقود الأساسي لعمل جهاز المناعة بكفاءة لذا من الضروري تقديم وجبات متنوعة وغنية بالعناصر الغذائية. يجب أن تتضمن الوجبات اليومية تشكيلة واسعة من الفواكه والخضروات الملونة لما تحتويه من فيتامينات حيوية مثل فيتامين سي وفيتامين أ والزنك ومضادات الأكسدة التي تعزز قدرة الخلايا الدفاعية على محاربة العدوى. كما أن البروتينات الصحية الموجودة في اللحوم البيضاء والأسماك والبيض والبقوليات تساهم بشكل مباشر في إنتاج الأجسام المضادة وتجديد أنسجة الجسم.
لا تقل أهمية منتجات الألبان مثل الزبادي والجبن القريش عن غيرها فهي مصدر غني بالبروبيوتيك الذي يعزز صحة الأمعاء والكالسيوم الضروري لتقوية العظام ودعم المناعة. وتوفر الحبوب الكاملة كالشوفان وخبز القمح الكامل الطاقة اللازمة للطفل والألياف التي تحسن وظائف الجهاز الهضمي. ويمكن إضافة المكسرات والبذور كوجبات خفيفة صحية لكونها مصدرًا ممتازًا لأحماض أوميجا 3 الدهنية التي تساعد على تقليل الالتهابات.
يعد النوم الجيد ضرورة قصوى لصحة الجهاز المناعي وليس رفاهية فالأطفال في سن المدرسة يحتاجون إلى ما بين تسع وإحدى عشرة ساعة من النوم ليلاً بينما يحتاج المراهقون إلى ما بين ثماني وعشر ساعات. إن قلة النوم تضعف قدرة الجسم على مقاومة الأمراض وتجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهابات المتكررة.
يجب أيضًا تشجيع الأطفال على ممارسة الأنشطة البدنية والألعاب الحركية بانتظام فالرياضة تحسن الدورة الدموية وتحفز إنتاج خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الدفاع عن الجسم. ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة الجري أو ركوب الدراجات أو الألعاب الجماعية مثل كرة القدم والسلة أو حتى التمارين البسيطة في المنزل كالرقص والقفز بالحبل.
من الضروري كذلك الانتباه إلى صحة الطفل النفسية فالضغوط والتوتر المستمر يمكن أن يضعفا جهاز المناعة. ينبغي على الآباء تقديم الدعم العاطفي لأبنائهم والاستماع إلى مشكلاتهم وتخصيص وقت يومي للعب والمرح فالراحة النفسية والشعور بالسعادة يعززان من قدرة الجسم على مقاومة الأمراض.
يجب الحرص على إعطاء الطفل كميات كافية من الماء على مدار اليوم فالماء يساعد على طرد السموم ويحافظ على رطوبة الأغشية المخاطية مما يقلل من فرص دخول الجراثيم إلى الجسم. وفي المقابل ينصح بالابتعاد عن الإفراط في تقديم الأطعمة المليئة بالسكريات والدهون والمقليات لأنها تضعف المناعة وتزيد من فرص حدوث الالتهابات واستبدالها بوجبات خفيفة صحية.
تعتبر التطعيمات المدرسية والجرعات التنشيطية من أهم وسائل الوقاية المباشرة ضد أمراض معدية خطيرة مثل الحصبة والجدري المائي والإنفلونزا الموسمية. لذا يجب متابعة جدول التطعيمات الموصى به من قبل الطبيب المختص والالتزام به.
هناك إجراءات منزلية بسيطة تساهم في الحفاظ على صحة الطفل مثل تهوية المنزل بفتح النوافذ لتجديد الهواء وتقليل تراكم الفيروسات وتعليم الطفل الاهتمام بنظافة أدواته المدرسية ومكتبه وغسل اللانش بوكس وزجاجة المياه يوميًا بالماء الساخن والصابون.
أخيرًا يجب على الأهل مراقبة أي علامات للتعب تظهر على الطفل مثل الخمول المستمر أو فقدان الشهية وينبغي استشارة الطبيب فورًا عند ظهور أعراض أكثر شدة مثل ارتفاع درجة الحرارة أو السعال المتواصل فالكشف المبكر يساعد على منع تفاقم الحالة ويحد من انتشار العدوى بين الآخرين.