
أصبحت ظاهرة السهر لوقت متأخر من الليل جزءا لا يتجزأ من نمط الحياة الحديث لدى الكثيرين سواء لأسباب تتعلق بمتطلبات العمل أو نتيجة الانغماس في متابعة منصات التواصل الاجتماعي وقضاء وقت طويل أمام الشاشات المختلفة مما يحمل في طياته تداعيات صحية خطيرة قد لا تظهر بشكل فوري.
ويؤثر الاستمرار في عادة النوم المتأخر سلبا على إيقاع الساعة البيولوجية للجسم وهو النظام الداخلي المسؤول عن تنظيم وظائفنا الحيوية مما يؤدي إلى اضطراب في عمليات الأيض وإنتاج الهرمونات الأساسية ووظائف الدماغ ومع مرور الوقت تتراكم هذه التأثيرات السلبية لتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة وخطيرة.
على صعيد الصحة العقلية يترك الحرمان من النوم الكافي بصمته الواضحة حيث يتسبب في تراجع القدرة على التركيز ويضعف الذاكرة ويؤثر على استقرار الحالة المزاجية كما يفتح الباب أمام الإصابة بالقلق والتوتر المزمن والاكتئاب مما يؤثر على جودة الحياة بشكل عام.
ولا تتوقف الأضرار عند هذا الحد بل تمتد لتشمل صحة القلب والأوعية الدموية إذ يرتبط السهر المزمن بزيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم مما يضع عبئا إضافيا على القلب ويزيد من مخاطر التعرض لمشكلات قلبية على المدى الطويل.
أحد أبرز الآثار المباشرة للسهر هو الشعور بالتعب المزمن وانخفاض مستويات الطاقة فحتى مع محاولة تعويض ذلك بتناول المشروبات المنبهة مثل القهوة فإن الجسم لا يحصل على فرصة كافية لإصلاح نفسه واستعادة طاقته مما ينتج عنه إرهاق مستمر وضعف في الأداء البدني والذهني خلال النهار.
يؤدي السهر أيضا إلى خلل في التوازن الهرموني داخل الجسم حيث يرفع من مستويات هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر وهذا الارتفاع المستمر يسبب التهابات داخلية ويزيد من الشعور بالإجهاد كما يؤثر على إفراز هرمون النمو وهرمون الأنسولين بشكل سليم.
ويعد النوم في وقت متأخر عاملا رئيسيا في زيادة الوزن واضطراب التمثيل الغذائي فهو يؤثر مباشرة على هرموني الجوع اللبتين والجريلين مما يزيد من الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون ويجعل التحكم في الشهية أمرا صعبا وهو ما يقود إلى تراكم الوزن خاصة حول منطقة البطن.
كما أن للسهر علاقة مباشرة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني حيث إن قلة النوم تقلل من حساسية الجسم للأنسولين مما يؤثر على قدرته على استقلاب الجلوكوز بفاعلية ويرفع مستويات السكر في الدم بشكل خطير.