بات التسوق الإلكتروني في عالمنا المعاصر عالما مليئا بالإغراءات والمخاطر الخفية فخلف واجهات المتاجر الرقمية البراقة والعروض التي لا تنتهي تكمن استراتيجيات تسويقية مدروسة بعناية تستهدف استنزاف أموال المستهلكين بصمت ودفعهم نحو قرارات شراء غير واعية قد تتحول مع الوقت إلى عادة يصعب التخلص منها.
تعتمد منصات التجارة الإلكترونية على حيل نفسية متقدمة لجذب العملاء حيث تطاردهم الإعلانات الموجهة في كل مكان وتغمرهم بعروض وتخفيضات قد يكون بعضها وهميا لخلق شعور زائف بالحاجة الملحة للشراء وهو ما يدفع المستهلك لاتخاذ قرار سريع دون تفكير مما يحول تجربة التسوق تدريجيا إلى سلوك قهري.
تتمثل أولى وأخطر نتائج هذا السلوك في الاستنزاف المالي المستمر يقع كثيرون في وهم أنهم ينفقون مبالغ ضئيلة ومتفرقة لكن هذه المبالغ تتراكم بسرعة لتستهلك جزءا كبيرا من الميزانية الشهرية على سلع غير ضرورية ويتفاقم الوضع عند اللجوء المفرط لبطاقات الائتمان مما يغرق أصحابها في دوامة من الديون والأقساط والفوائد التي لا تنتهي.
لا تقتصر الأضرار على الجانب المادي بل تمتد لتؤثر سلبا على الصحة النفسية للمستهلك فكثيرا ما يتبع عملية الشراء شعور عميق بالندم والذنب خاصة عند اكتشاف أن المنتج لم يكن ضروريا أو لا يطابق التوقعات وهذا الشعور المتكرر قد يولد القلق والإحباط بالإضافة إلى ذلك يضيع المستهلك ساعات ثمينة في التصفح والمقارنة بين الخيارات اللامتناهية وهو وقت يمكن استثماره في أمور أكثر نفعا.
يزيد التسوق المندفع من مخاطر الوقوع ضحية لمواقع غير موثوقة تستغل هذا الاندفاع لبيع منتجات مقلدة أو ذات جودة رديئة وفي أسوأ الحالات قد يتعرض المستهلك لعمليات نصب إلكتروني صريحة يفقد فيها أمواله دون الحصول على أي سلعة بالمقابل مما يضاعف من الخسائر المادية والنفسية.
ولتجنب السقوط في هذا الفخ ينصح الخبراء بتبني عادات تسوق واعية من الضروري وضع ميزانية شهرية محددة للتسوق والالتزام بها بصرامة وقبل إتمام أي عملية شراء يجب منح النفس فترة للتفكير لا تقل عن يوم كامل لسؤال الذات عن مدى الحاجة الفعلية للمنتج كما أن إعداد قائمة مسبقة بالمشتريات والبحث عنها تحديدا يمنع التصفح العشوائي الذي يؤدي للشراء غير المخطط له مع الحرص الدائم على التعامل مع المتاجر الموثوقة وقراءة تقييمات العملاء السابقين.
