
تعتبر متلازمة الألم العضلي الليفي أو الفيبروميالجيا حالة صحية معقدة يكثر حولها سوء الفهم ويصعب تشخيصها بدقة نظرا لأن أعراضها الأساسية المتمثلة في الآلام المزمنة المنتشرة بالجسم والإرهاق الشديد تتشابه مع العديد من الأمراض الأخرى ما يجعل عملية تحديدها تحديا للأطباء.
يواجه المصابون بالفيبروميالجيا مجموعة واسعة من الأعراض التي تختلف حدتها وطبيعتها من شخص لآخر ولا تظهر جميعها لدى كل مريض. الألم هو العارض الأبرز حيث يشكو جميع المصابين تقريبا من آلام معممة في العضلات والأوتار والأربطة المحيطة بالمفاصل وقد يكون هذا الألم عميقا أو حادا أو نابضا أو باهتا ويتنقل بين أجزاء الجسم المختلفة على فترات. إلى جانب الألم العام يعاني المرضى من نقاط إيلام محددة حول المفاصل تصبح مؤلمة جدا عند الضغط عليها.
يعاني غالبية المصابين من مشكلات في النوم حيث يجدون صعوبة في الحصول على نوم عميق ومريح فحتى لو تمكنوا من النوم يكون نومهم خفيفا ومتقطعا ما يؤدي إلى استيقاظهم وهم يشعرون بالإرهاق. هذا الإرهاق المستمر هو أحد الأعراض المحورية للمتلازمة ويصفه المرضى بأنه شعور بالإنهاك التام يشبه أعراض الإنفلونزا الشديدة ولا يتحسن حتى بعد فترات طويلة من الراحة.
من بين التحديات الكبيرة التي تفرضها المتلازمة ما يعرف باسم ضباب الدماغ أو ضباب الفيبرو وهو مصطلح يصف مجموعة من الصعوبات الإدراكية والمعرفية. تشمل هذه الصعوبات مشاكل في التركيز وضعفا في الذاكرة وصعوبة في استرجاع المعلومات والشعور ببطء في التفكير ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الشخص على أداء مهامه اليومية بكفاءة.
تتسبب المتلازمة أيضا في زيادة حساسية الجسم تجاه مجموعة من المحفزات الخارجية فيصبح المريض أكثر تأثرا بالضوء الساطع والأصوات المرتفعة والروائح القوية والتغيرات في درجات الحرارة سواء البرودة أو الحرارة. هذه الحساسية المفرطة قد تجعل البيئات العادية غير مريحة للمصاب.
تترافق المتلازمة مع حالات صحية أخرى بشكل متكرر حيث يعاني نحو ثلثي المرضى من أعراض متلازمة القولون العصبي مثل آلام البطن والانتفاخ والغازات والإسهال أو الإمساك. كما أن الصداع بأنواعه المختلفة شائع جدا حيث يعاني اثنان من كل خمسة مصابين من نوبات منتظمة من الصداع النصفي أو صداع التوتر الذي غالبا ما يكون مرتبطا بآلام الرقبة وأعلى الظهر.
تؤثر الفيبروميالجيا على الحالة النفسية للمرضى إذ يعاني حوالي عشرين بالمئة منهم من القلق أو الاكتئاب نتيجة للتعايش المستمر مع الألم المزمن والإرهاق وتأثير ذلك على جودة الحياة. كما يشعر الكثيرون بتصلب في العضلات والمفاصل خاصة عند الاستيقاظ صباحا وقد يستمر هذا التصلب لدقائق أو ساعات.
من الأعراض الشائعة أيضا الشعور بالتنميل والوخز أو الإحساس بالحرقان في اليدين والقدمين وهي حالة تعرف باسم الخدران. أما بالنسبة للإناث فقد تلعب التغيرات الهرمونية دورا في تحفيز أعراض المتلازمة وقد تعاني المصابات من آلام شديدة أثناء الدورة الشهرية وآلام مزمنة في منطقة الحوض.
هناك أعراض أخرى أقل انتشارا قد تظهر لدى بعض المصابين منها حساسية الجلد والطفح الجلدي وجفاف الفم والعينين وطنين الأذن. قد يواجه البعض أيضا مشكلات في الرؤية والتوازن ومتلازمة تململ الساقين ومتلازمة رينود التي تسبب برودة وتخدر أصابع اليدين والقدمين استجابة للطقس البارد.
يجب على الشخص التوجه للطبيب عند ظهور آلام جديدة غير مبررة أو إرهاق مستمر أو ضباب في الدماغ خاصة إذا ترافقت مع أعراض اكتئاب أو مشكلات نفسية أخرى. يعتمد التشخيص على استبعاد الحالات المرضية الأخرى التي تسبب أعراضا مشابهة وقد يحيل الطبيب العام المريض إلى أخصائي في أمراض الروماتيزم للمساعدة في الوصول إلى تشخيص دقيق وخطة علاج مناسبة.