
تتجاوز الشوكولاتة الداكنة المستخلصة من بذور الكاكاو كونها مجرد حلوى للمناسبات إذ تكشف الدراسات الحديثة عن دورها الفعال كعنصر غذائي قيم. ورغم احتوائها على السعرات الحرارية والسكر فإن استهلاكها المعتدل يمنح الجسم مركبات أساسية ومضادات أكسدة قوية قد تساهم بشكل مباشر في الوقاية من أمراض القلب الخطيرة.
قد يكمن أحد أبرز أدوار الشوكولاتة الداكنة في قدرتها على تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية. تعمل مركبات الفلافونويد الموجودة بوفرة في الكاكاو على تحفيز البطانة الداخلية للشرايين لإنتاج مركب أكسيد النيتريك الذي يساعد بدوره على استرخاء الأوعية الدموية مما يقلل مقاومة تدفق الدم ويؤدي إلى خفض ضغط الدم. وعلى المدى الطويل قد يساهم هذا التأثير في تقليل تراكم الكوليسترول داخل الشرايين مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب. وأشارت بعض التحليلات البحثية إلى أن تناول الشوكولاتة بانتظام ثلاث مرات أسبوعيا قد يقلل خطر أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تصل إلى 9% بينما لا يوفر استهلاك كميات أكبر فوائد إضافية.
تأثير الشوكولاتة الإيجابي لا يقتصر على ضغط الدم فقط بل يمتد ليشمل حماية الكوليسترول من عمليات الأكسدة الضارة. تحتوي الشوكولاتة الداكنة على مضادات أكسدة فعالة تحمي البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول الضار من التلف التأكسدي. وعندما يتأكسد هذا النوع من الكوليسترول يصبح قادرا على إتلاف أنسجة الجسم مثل بطانة الشرايين. كما تحتوي على مركب الثيوبرومين ومركبات ستيلبين التي قد تساعد على زيادة مستويات الكوليسترول الجيد.
القيمة الغذائية العالية للشوكولاتة الداكنة هي أساس فوائدها المتعددة فعند اختيار الأنواع ذات الجودة العالية التي تتراوح نسبة الكاكاو فيها بين 70% و85% يحصل الجسم على كنز من العناصر الحيوية. توفر كمية 50 جراما منها حوالي 5.5 جرام من الألياف القابلة للذوبان بالإضافة إلى نسب مرتفعة من المعادن الأساسية مثل الحديد الذي يغطي 33% من الحاجة اليومية والمغنيسيوم بنسبة 28% والنحاس بنسبة 98% والمنغنيز بنسبة 43% فضلا عن كميات جيدة من البوتاسيوم والفسفور والزنك والسيلينيوم.
تعد الشوكولاتة الداكنة مصدرا قويا للمركبات العضوية النشطة بيولوجيا التي تعمل كمضادات للأكسدة وأبرزها البوليفينول والكاتيكين والإبيكاتشين. هذه المركبات تحارب الجذور الحرة في الجسم التي تسبب الإجهاد التأكسدي وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. وقد تلعب هذه المضادات دورا حيويا في حماية الخلايا من التلف والوقاية من تصلب الشرايين وتحسين إدارة نسبة السكر في الدم.
تمتد الفوائد المحتملة للشوكولاتة الداكنة لتشمل تعزيز الوظائف الإدراكية والدماغية. فقد أظهرت أبحاث أن تناول الكاكاو الغني بمركبات الفلافانول قد يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ لدى الشباب مما يعزز الانتباه والقدرة على التعلم ويقوي الذاكرة. وقد تساعد هذه المركبات أيضا في الحفاظ على صحة الدماغ لدى كبار السن الذين يعانون من ضعف إدراكي طفيف. ويحتوي الكاكاو كذلك على مواد منبهة مثل الكافيين والثيوبرومين التي قد تسهم في تحسين وظائف المخ على المدى القصير.
قد تكون المركبات النشطة بيولوجيا في الشوكولاتة الداكنة مفيدة لصحة البشرة أيضا. وتشير دراسة إلى أن مركبات الفلافانول يمكن أن تساعد على حماية الجلد من أضرار أشعة الشمس وتحسين تدفق الدم إليه وزيادة كثافته ورطوبته. وقد تبين أن تناول الشوكولاتة الداكنة الغنية بالفلافانول لمدة 12 أسبوعا قد يضاعف من قدرة الجلد على مقاومة الأشعة فوق البنفسجية لكنها لا تغني أبدا عن استخدام واقي الشمس.
من الضروري تذكر أن هذه الفوائد مرتبطة بالاعتدال في التناول إذ تحتوي كل 50 جراما من الشوكولاتة الداكنة على ما يقارب 300 سعرة حرارية و12 جراما من السكر. أما الدهون الموجودة فيها فتعتبر صحية ومفيدة للقلب إذ تتكون بشكل أساسي من حمض الأوليك وحمض الستياريك الذي له تأثير محايد على الكوليسترول وحمض البالميتيك.