
مع انطلاق الموسم الدراسي يتجدد اهتمام الآباء والأمهات بسبل دعم أبنائهم لتحقيق التفوق الأكاديمي ولا يقتصر هذا الدعم على التهيئة النفسية فقط بل يمتد ليشمل جانبا محوريا يؤثر بشكل مباشر على قدراتهم العقلية وهو التغذية السليمة فالغذاء الذي يتناوله الطالب يعد وقودا لعقله ويؤثر في مستويات تركيزه وانتباهه وذاكرته داخل الفصول الدراسية.
أكدت استشارية التغذية الدكتورة تيفني ريفورد أن النظام الغذائي الصحي هو حجر الزاوية في مسيرة الطالب التعليمية موضحة أن وظائف الدماغ الحيوية تعتمد على عناصر غذائية محددة لتعمل بكفاءة قصوى فالأطعمة ليست مجرد مصدر للطاقة الجسدية بل هي أدوات لتعزيز الأداء العقلي والتحصيل العلمي.
تأتي الأسماك الدهنية في مقدمة الأغذية الداعمة للدماغ فأنواع مثل السلمون والتونة والماكريل تعد كنزا من أحماض أوميجا 3 الدهنية التي تعتبر ضرورية لبناء خلايا الدماغ وتعزيز صحتها وتساهم هذه الأحماض في تحسين كفاءة النواقل العصبية مما يمكن الطلاب من الحفاظ على تركيزهم لفترات أطول ويقوي قدرتهم على التذكر وينصح بتقديم وجبات السمك مرتين أسبوعيا سواء كانت مشوية أو مطهوة بالفرن كما يمكن إضافة التونة إلى السندويشات المدرسية كخيار عملي وصحي.
يعد البيض مصدرا غذائيا متكاملا للعقل فهو غني بمادة الكولين التي يستخدمها الجسم في إنتاج ناقل عصبي يسمى أسيتيل كولين وهو المسؤول المباشر عن تقوية الذاكرة كما يوفر البيض البروتينات عالية الجودة وفيتامين B12 الذي يلعب دورا هاما في زيادة الطاقة الذهنية ومحاربة الشعور بالإرهاق العقلي ويمكن دمجه بسهولة في وجبة الإفطار أو العشاء.
تقدم المكسرات والبذور وجبة خفيفة مثالية لتعزيز القدرات العقلية فاللوز والجوز والفستق وبذور الكتان ودوار الشمس غنية بالدهون الصحية والبروتينات والألياف وفيتامين E الذي يعمل كمضاد فعال للأكسدة ويحمي الخلايا العصبية من الإجهاد التأكسدي إن تناول حفنة صغيرة منها يوميا يمنح الطالب طاقة مستدامة ويحسن من وظائف دماغه ويمكن وضعها في عبوة صغيرة داخل الحقيبة المدرسية.
يجب ألا نغفل أهمية الشوفان والحبوب الكاملة كمصدر أساسي للطاقة المستدامة للدماغ فالكربوهيدرات المعقدة الموجودة بها تطلق الجلوكوز في الدم ببطء على عكس السكريات البسيطة التي تسبب تقلبات حادة في مستويات الطاقة والتركيز إن بدء اليوم بوجبة من الشوفان مع الحليب والفواكه يضمن للطالب شعورا بالشبع وتركيزا ثابتا خلال الحصص الدراسية الأولى.
تحتوي الخضروات الورقية الداكنة مثل السبانخ والجرجير والبروكلي على عناصر حيوية لصحة الدماغ مثل فيتامين K وحمض الفوليك ومضادات الأكسدة القوية التي تحافظ على سلامة الخلايا العصبية وتساهم هذه المكونات في تحسين الذاكرة على المدى الطويل ومن الضروري إدخال السلطة الخضراء أو إضافة هذه الخضروات إلى السندويشات لتعزيز الأداء الأكاديمي.
تعتبر الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة مثل التوت بأنواعه والعنب الأحمر والفراولة من أفضل الخيارات لتعزيز التواصل بين خلايا الدماغ فهي غنية بمركبات الفلافونويد التي تزيد من تدفق الدم المحمل بالأكسجين إلى الدماغ مما ينعكس إيجابيا على الذاكرة والانتباه ويمكن تناولها طازجة أو كعصير طبيعي كوجبة خفيفة منعشة.
تمثل منتجات الألبان كالحليب والجبن والزبادي مصدرا مهما للبروتينات والكالسيوم وفيتامين D وهي عناصر لا تدعم صحة العظام فحسب بل تعزز أيضا وظائف الدماغ ويتميز الزبادي باحتوائه على البروبيوتيك وهي بكتيريا نافعة تحسن صحة الأمعاء التي ترتبط بشكل مباشر بتحسين المزاج والقدرة على التركيز.
كذلك يوفر التمر والعسل طاقة فورية وطبيعية للدماغ فالتمر غني بالسكريات سريعة الامتصاص والمعادن الهامة كالبوتاسيوم والمغنيسيوم بينما يساعد العسل في الحفاظ على استقرار مستويات السكر في الدم ويمكن إضافتهما إلى وجبة الإفطار أو تناولهما كوجبة خفيفة في منتصف اليوم الدراسي.
قد تكون الشوكولاتة الداكنة مفاجأة سارة للطلاب حيث تحتوي على نسبة من الكافيين ومضادات الأكسدة التي تحسن المزاج وتزيد من تدفق الدم إلى الدماغ إن تناول قطعة صغيرة منها يمكن أن يساعد على تحسين الانتباه ولكن مع ضرورة الاعتدال في استهلاكها.
رغم أنه ليس طعاما بالمعنى الحرفي إلا أن الماء يبقى العنصر الأكثر أهمية لصحة الدماغ فالجفاف حتى لو كان بسيطا يمكن أن يؤدي إلى ضعف شديد في التركيز وشعور بالتعب والإرهاق الذهني لذا من الضروري تشجيع الطلاب على شرب كميات كافية من الماء على مدار اليوم.
ولتطبيق هذه النصائح عمليا ينصح بتجهيز صندوق طعام مدرسي متنوع يحتوي على ساندويتش من الحبوب الكاملة مع التونة أو الجبن بالإضافة إلى حصة من الفاكهة والمكسرات مع استبدال الوجبات السريعة والحلويات المصنعة بالخيارات الصحية والتقليل من المشروبات الغازية التي تؤثر سلبا على التركيز.