
مع تقدم الإنسان في العمر وتجاوزه لعتبة الأربعين عاما تبدأ صحة العظام في التدهور بشكل تدريجي وملحوظ إذ تتراجع قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم بفاعلية كما تنخفض مستويات هرمونات حيوية مثل الإستروجين لدى النساء مما يرفع من احتمالية التعرض لهشاشة العظام والكسور بسهولة.
أوضحت خبيرة تغذية علاجية أن الحفاظ على قوة الهيكل العظمي بعد سن الأربعين يتطلب اتباع نظام غذائي متكامل يركز على العناصر الأساسية لدعم العظام ويشكل هذا النظام مع النشاط البدني المنتظم الدرع الواقي الأساسي ضد أمراض العظام ويضمن حياة أكثر حيوية ومرونة في مراحل العمر المتقدمة.
يعتبر الكالسيوم حجر الزاوية في بناء هيكل عظمي قوي ويأتي نقصه ليمثل الخطر الأكبر على صحة العظام وتعد منتجات الألبان كالحليب والزبادي والأجبان من أهم مصادره الغنية سهلة الامتصاص تليها الخضروات الورقية داكنة اللون مثل السبانخ والكرنب والجرجير التي تقدم مزيجا من الكالسيوم والفيتامينات الضرورية كما تساهم البقوليات كالفاصوليا البيضاء والعدس في تزويد الجسم بالكالسيوم والبروتين معا ولا يمكن إغفال المكسرات والبذور وعلى رأسها اللوز وبذور السمسم وحبوب الشيا كوجبات خفيفة مثالية لدعم العظام.
لكي يستفيد الجسم من الكالسيوم المتناول فإنه يحتاج إلى كميات كافية من فيتامين د الذي يلعب دورا محوريا في تعزيز امتصاصه ويعتبر نقص هذا الفيتامين سببا رئيسيا لهشاشة العظام بعد سن الأربعين ويمكن الحصول عليه طبيعيا من خلال التعرض لأشعة الشمس المباشرة في أوقات الصباح الباكر أو قبل الغروب لمدة تتراوح بين 15 و20 دقيقة كما يتواجد في الأطعمة كالأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة والسردين بالإضافة إلى زيت كبد الحوت والبيض وفي حالات النقص الشديد قد يلجأ الطبيب لوصف مكملات غذائية.
يلعب البروتين دورا حيويا لا يقتصر على بناء العضلات فقط بل يمتد ليشمل الحفاظ على كثافة العظام وقوتها بعد سن الأربعين ويحتاج الجسم إلى توازن دقيق بين مصادر البروتين والكالسيوم وتتنوع مصادره بين الحيوانية مثل اللحوم البيضاء الخالية من الدهون والدجاج والأسماك والبيض والنباتية الموجودة في البقوليات والحمص والعدس والتي تعد خيارا ممتازا للأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية نباتية أو يقللون من استهلاك اللحوم.
تدخل معادن أخرى في صلب عملية بناء العظام وتقويتها فالمغنيسيوم يساعد على تثبيت الكالسيوم داخل النسيج العظمي بينما يدخل الفوسفور في التكوين الأساسي للهيكل العظمي ويمكن العثور على المغنيسيوم في أطعمة مثل المكسرات والأفوكادو والموز والشوكولاتة الداكنة أما الفوسفور فيتوفر بكثرة في الأسماك ومنتجات الألبان والبيض.
تساهم الفيتامينات أيضا في دعم صحة العظام إذ يساعد فيتامين ج في إنتاج مادة الكولاجين البروتين الأساسي المكون للعظام وهو متوفر في الحمضيات كالبرتقال والفراولة والكيوي والفلفل الملون أما فيتامين ك فيحفز إنتاج بروتينات ترتبط بالكالسيوم في العظام وتوجد مصادره في البروكلي والكرنب والخس.
تؤدي أحماض أوميجا 3 الدهنية دورا مهما في تقليل الالتهابات التي قد تضر بالعظام وتساهم في حمايتها من التآكل وتعد الأسماك الدهنية وبذور الكتان والجوز وزيت الزيتون من أغنى المصادر الطبيعية بهذه الأحماض الصحية.
لا يقتصر الدعم على الأطعمة فقط بل يمتد إلى المشروبات فالحليب ومشتقاته يظلان المصدر الأهم للكالسيوم السائل بالإضافة إلى العصائر الطبيعية المدعمة بالكالسيوم كعصير البرتقال أو التفاح وتساعد مشروبات الأعشاب المهدئة مثل اليانسون والبابونج على تحسين امتصاص المعادن في الجسم كما أن شرب كميات وافرة من الماء ضروري للحفاظ على توازن المعادن داخل الخلايا.
على الجانب الآخر هناك أطعمة ومشروبات ينصح بالحد من استهلاكها بعد الأربعين للحفاظ على صحة العظام فالمشروبات الغازية تؤثر سلبا على العظام بسبب محتواها من الفوسفور الزائد كما أن الإفراط في تناول الكافيين الموجود في القهوة والشاي يقلل من قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم ويؤدي الإكثار من الملح إلى فقدان الكالسيوم عبر البول بينما تسبب السكريات التهابات عامة تضعف امتصاص المعادن.
للحفاظ على عظام قوية ينصح الخبراء بتبني عادات صحية يومية تشمل تناول وجبات متوازنة غنية بالكالسيوم والبروتين والفيتامينات وممارسة التمارين الرياضية بانتظام خاصة تلك التي تعتمد على المقاومة والمشي مع ضرورة تقليل التدخين والكحوليات لما لهما من تأثير سلبي مباشر على كثافة العظام وأخيرا إجراء فحوصات دورية لقياس كثافة العظام للكشف المبكر عن أي مشكلات.