
يثير قرار خلع الأحذية عند دخول المنزل جدلاً واسعاً بين الناس حيث ينقسمون بين مؤيد يرى فيه مظهراً من مظاهر النظافة والاحترام لقدسية البيت ومعارض يعتبره سلوكاً غير ضروري وقد يصل إلى حد الإحراج للضيوف عندما يُطلب منهم ذلك بشكل مباشر.
ويقدم العلم رؤية حاسمة في هذا النقاش إذ يؤكد خبراء علم الأحياء الدقيقة أن الأحذية تعمل كناقل رئيسي للملوثات من الشوارع إلى داخل المنازل. وكشفت دراسة علمية متخصصة أن نسبة كبيرة من نعال الأحذية تصل إلى 96 بالمئة تحمل بكتيريا القولون بينما عُثر على بكتيريا الإشريكية القولونية الخطرة في أكثر من ربع العينات التي تم فحصها. هذه الملوثات لا تقتصر على البكتيريا والفيروسات بل تشمل أيضاً جراثيم العفن وبقايا الأوساخ والفضلات التي تُجمع من الأماكن العامة.
ورغم هذه الحقائق العلمية فإن بعض الخبراء لا يرون ضرورة حتمية لفرض قاعدة خلع الأحذية على الزوار. وتوضح أستاذة في علم الأحياء الدقيقة السريري أنها شخصياً لا تطلب ذلك من ضيوفها وتعتمد بدلاً من ذلك على روتين تنظيف يومي باستخدام مطهرات الأرضيات وتنظيف عميق ومنتظم للسجاد. وترى أن الخطر الفعلي الذي تشكله هذه الجراثيم على الأشخاص الأصحاء يُعد منخفضاً بشكل عام.
إلا أن الأمر يختلف تماماً بالنسبة للفئات الأكثر حساسية مثل المصابين بالربو أو الحساسية أو الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. فالسجاد على وجه الخصوص يمكن أن يتحول إلى خزان للملوثات وجزيئات الغبار التي يتم إطلاقها في الهواء مجدداً مع كل خطوة مما قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض لدى هؤلاء الأفراد. وعلى النقيض من ذلك تعتبر الأرضيات الصلبة خياراً صحياً أفضل لقدرتها على مقاومة حبس الملوثات وسهولة تنظيفها وتطهيرها بشكل فعال.
ولا تقتصر أضرار ارتداء الأحذية داخل المنزل على الجانب الصحي فقط بل تمتد لتشمل التأثير المادي على الأرضيات نفسها. ويشير خبراء في تصميم وأرضيات المنازل إلى أن الأحذية يمكن أن تسبب تلفاً دائماً للأرضيات الحساسة حيث إن حبيبات الأتربة والرمل العالقة بالنعال تعمل كورق صنفرة مسببة خدوشاً عميقة وبقعاً يصعب إزالتها خاصة عند دخول المنزل بأحذية مبللة.
وقد شهدت الفترة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في الاهتمام بهذا الموضوع حيث ارتفعت معدلات البحث عبر الإنترنت عن عبارة منزل بدون أحذية بنسبة تقارب 40 بالمئة خلال شهر واحد مما يعكس أن هذا النقاش أصبح أكثر حضوراً. وتلعب عوامل متعددة دوراً في تحديد هذا القرار المنزلي منها المعايير الثقافية السائدة والموقع الجغرافي ونوعية الطقس بالإضافة إلى التفضيلات الشخصية البحتة لأصحاب المنزل ورغبتهم في الموازنة بين راحة الضيوف والحفاظ على نظافة وسلامة ممتلكاتهم.