أخطار وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال.. هل الحل في المنع أم التوجيه

أخطار وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال.. هل الحل في المنع أم التوجيه
أخطار وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال.. هل الحل في المنع أم التوجيه

في مواجهة توصية برلمانية تطالب بفرض حظر على استخدام المراهقين لمنصات التواصل الاجتماعي قبل بلوغهم سن الخامسة عشرة تقدم كلير باليس المتخصصة في علم الاجتماع بجامعة جنيف رؤية بديلة تؤكد أن الحل لا يكمن في المنع القاطع بل في التوجيه والتعليم المستمر والمرافقة الواعية لهذه الفئة العمرية.

ترى باليس أن فرض حظر على المراهقين هو مجرد تأجيل للمواجهة مع عالم المنصات الرقمية فهؤلاء الشباب سيكتشفون هذا العالم في نهاية المطاف لكنهم سيفعلون ذلك لاحقا دون أي إرشاد أو دعم مسبق وهو ما يعرضهم لمخاطر أكبر ويجعلهم فريسة سهلة للتحديات التي لم يتهيؤوا لها.

وتشير الخبيرة إلى أن التعامل مع وسائل التواصل كمفهوم واحد وموحد يعد تبسيطا مفرطا يخفي الفروقات الجوهرية بين التطبيقات المختلفة فاستخدام مصطلحات عامة مثل الشاشات يتجاهل حقيقة أن كل منصة لها ديناميكيتها الخاصة فمنصة مثل تيك توك تختلف كليا عن سناب تشات ولكل منهما استخداماته وتأثيراته.

وتسلط باليس الضوء على الجانب الإبداعي الذي يظهره المراهقون عبر هذه الوسائل فهم ينتجون مقاطع فيديو ساخرة أو يقدمون محتوى نقديا يعبر عن أفكارهم وهذا النشاط يلبي حاجة أساسية لديهم للاعتراف الاجتماعي ويتيح لهم فرصة للتعبير عن ذواتهم بأساليب مبتكرة لم تكن متاحة للأجيال التي سبقتهم.

وفيما يتعلق بالآثار السلبية على الصحة العقلية والنفسية للمراهقين توضح باليس أن معظم الدراسات التي تربط بين الاستخدام والضرر تتجاهل غالبا السياق الاجتماعي الأوسع الذي يعيش فيه المراهق فالقضية أكثر تعقيدا من مجرد علاقة سببية مباشرة بين المنصات الرقمية وتدهور الصحة النفسية.

وتقدم مثالا على ذلك بالمقارنة بين بيئات المراهقين المختلفة فالشباب الذين ينتمون إلى أسر ميسورة اقتصاديا غالبا ما تكون جداولهم اليومية ممتلئة بالأنشطة المتنوعة والهوايات مما يقلل من الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات بينما يميل أبناء الأسر الأقل حظا إلى قضاء فترات زمنية أطول مع الأجهزة الرقمية لغياب البدائل.

وتشدد باليس على ضرورة تسليح المراهقين بالوعي اللازم للتعامل مع خوارزميات هذه المنصات التي توجه المحتوى إليهم ويجب تعليمهم كيفية التمييز بين ما هو مفيد وما هو ضار وتشجيعهم على الانتقال من دور المتلقي السلبي إلى دور المستخدم النشط الذي يتحكم في تجربته الرقمية.

وترى الخبيرة أيضا أن هذه المنصات الاجتماعية تفتح أبوابا لتعزيز الروابط الإنسانية وتتيح للمراهقين التعبير عن هويتهم الفريدة والانفتاح على مجتمعات افتراضية تشاركهم نفس الاهتمامات والتجارب مما قد يكون له أثر إيجابي داعم ولذلك فإن التوجيه السليم والتعليم المستمر يمثلان استراتيجية أفضل بكثير من الحظر المطلق.