
شهدت أسواق المعادن الثمينة قفزة تاريخية لأسعار الذهب خلال تعاملات يوم الأربعاء 24 سبتمبر حيث سجل المعدن الأصفر مستوى قياسيا جديدا. ويأتي هذا الارتفاع مدفوعا بمزيج من العوامل أبرزها تزايد التوترات الجيوسياسية التي دفعت المستثمرين نحو الملاذات الآمنة بالإضافة إلى التوقعات المتنامية بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.
وعلى صعيد التعاملات الفورية ارتفع الذهب بنسبة 0.8% مسجلا 3777.80 دولار للأونصة بحلول الساعة 1:45 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة كما بلغ في وقت سابق من الجلسة ذروة تاريخية غير مسبوقة عند 3790.82 دولار. وفي السياق ذاته صعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم شهر ديسمبر بنسبة 1.1% لتستقر عند التسوية عند مستوى 3815.7 دولار. وتزامنت هذه التحركات مع هبوط عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنسبة 0.2% بينما حافظ الدولار الأمريكي على استقراره النسبي.
وقد عززت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول من حالة الترقب في الأسواق حيث أشار خلال مؤتمر إلى أن البنك المركزي يواجه موقفا صعبا. وأوضح أن هذا الوضع ينبع من استمرار مخاطر التضخم الذي قد يفوق التوقعات وفي الوقت نفسه تثير بيانات نمو الوظائف الضعيفة مخاوف جدية بشأن قوة سوق العمل في الولايات المتحدة.
وفي تعليقه على هذه التصريحات رأى بوب هابركورن استراتيجي السوق في شركة آر جي أو فيوتشرز أن خطاب باول لم يحمل أي جديد يغير من المسار الصاعد للذهب. وأضاف أن السوق أدرك أن ما قاله باول لم يكن كافيا للتأثير على الاتجاه الحالي الذي كان سائدا منذ الأسبوع الماضي. وينتظر المتعاملون الآن بلهفة صدور مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي يوم الجمعة كونه المؤشر المفضل لدى الفدرالي لقياس التضخم.
وعلى الجانب الجيوسياسي ساهمت التوترات في دعم أسعار المعدن النفيس حيث أصدر حلف شمال الأطلسي الناتو تحذيرا مباشرا لروسيا. وأكد الحلف أنه سيستخدم كل الأدوات العسكرية وغير العسكرية الضرورية للدفاع عن نفسه منددا بما وصفه بانتهاك روسيا للمجال الجوي الإستوني وهو ما اعتبره سلوكا غير مسؤول على نحو متزايد.
وقد لوحظ أيضا أن الإقبال القوي من قبل مستثمري صناديق الاستثمار المتداولة على شراء الذهب يقدم دعما إضافيا للأسعار. ويعود هذا الطلب المتزايد وفقا لمذكرة صادرة عن كومرتس بنك إلى عدة عوامل مجتمعة منها توقعات خفض الفائدة والمخاوف المتعلقة باستقلالية قرارات الاحتياطي الفدرالي إلى جانب التطورات الجيوسياسية العالمية.
ولم يقتصر الارتفاع على الذهب وحده بل شمل المعادن النفيسة الأخرى. فقد زادت أسعار الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% لتصل إلى 44.17 دولار للأونصة مقتربة من أعلى مستوياتها في أربعة عشر عاما. كما حقق البلاتين قفزة كبيرة بنسبة 4.5% ليصل إلى 1480.97 دولار وهو أعلى مستوى له منذ عام 2014 وصعد البلاديوم كذلك بنسبة 2.8% مسجلا 1212 دولارا.