
مع بداية العام الدراسي تواجه العديد من الأسر تحديات صباحية تسبب الإرهاق والتوتر للأمهات والأبناء على حد سواء حيث يبدأ اليوم بطاقة سلبية نتيجة ضغط الوقت بين الاستيقاظ وتجهيز متطلبات المدرسة. وأكدت الدكتورة عبلة ابراهيم أستاذة التربية والمستشارة الأسرية أن مفتاح صباح مدرسي خال من التوتر يكمن في التحضيرات التي تتم في الليلة السابقة من خلال وضع روتين مسائي منظم.
إن تأسيس روتين يومي ثابت في المساء لا يقتصر على مجرد إنجاز المهام بل يمثل أسلوب حياة يغرس في الأسرة قيمة التنظيم ويحد من الفوضى والضغوط النفسية. هذا النظام يساعد الأبناء على الشعور بالأمان والاستقرار عندما يعتادون على خطوات متكررة كل ليلة مما يجعل التزامهم أسهل وبالمقابل يوفر للأم مساحة من الهدوء والراحة قبل النوم لعلمها أن كل شيء جاهز لليوم التالي دون مفاجآت.
من الخطوات العملية الأساسية لهذا الروتين تحضير الحقائب المدرسية في المساء ويمكن للأم تدريب أطفالها على مراجعة الجدول الدراسي وتجميع الكتب والأدوات المطلوبة بأنفسهم. هذه العادة تنمي لديهم الشعور بالمسؤولية وتمنع نسيان أي مستلزمات ضرورية كما توفر وقتا ثمينا في الصباح. وينطبق الأمر ذاته على تجهيز الزي المدرسي كاملا من الملابس إلى الأحذية والجوارب وربطات الشعر للفتيات ووضعه في مكان واضح وهو ما يمنع الارتباك والنقاشات الصباحية حول اختيار الملابس.
لا يقل تجهيز الطعام أهمية عن باقي التحضيرات فيمكن للأم تحضير مكونات وجبة الإفطار أو إعداد السندويشات الخاصة بصندوق الغداء ووضعها في الثلاجة وكذلك غسل الفاكهة وتقطيع الخضروات مسبقا. وإشراك الأطفال في هذه العملية يشجعهم على تناول وجباتهم ويمنحهم إحساسا بالمشاركة والاختيار.
من الضروري أيضا تحديد وقت ثابت بعد العودة من المدرسة وفترة الراحة لإنجاز الواجبات المدرسية لتجنب تأجيلها للصباح الباكر مما يتيح للأم مراجعتها بهدوء ويساعد الطفل على النوم دون الشعور بالقلق. ويجب ألا يقتصر المساء على الواجبات والتحضيرات فقط بل يجب تخصيص وقت للاسترخاء العائلي كقراءة قصة أو إجراء حوار هادئ عن يومهم وهو ما يعزز الروابط الأسرية ويجعل الطفل يشعر بالاحتواء والدعم النفسي.
تهيئة بيئة نوم مريحة تعد خطوة محورية في الروتين المسائي عبر تهوية الغرف وترتيب الأسرة وإيقاف تشغيل الشاشات والأجهزة الإلكترونية قبل موعد النوم بفترة كافية. كما أن اعتياد الأطفال على روتين بسيط مثل غسل الأسنان والوجه وارتداء ملابس النوم في توقيت محدد كل ليلة يساعد أجسامهم على الاستعداد للنوم بسهولة ويقلل من مقاومتهم للذهاب إلى السرير في الوقت المناسب.
إن الالتزام بوقت نوم ثابت ومبكر هو أحد أهم العوامل التي تضمن استيقاظ الطفل بنشاط وحيوية واستعداد أكبر للتعلم والتركيز في المدرسة. وبعد أن يخلد الأبناء للنوم يمكن للأم استغلال هذا الوقت الثمين لنفسها سواء في تحضير ملابسها ومتطلبات عملها لليوم التالي أو مجرد الاسترخاء وممارسة نشاط بسيط للعناية بنفسها مما يمنحها شعورا بالسيطرة ويساعدها على بدء يومها بطاقة إيجابية.
تتجاوز فوائد الروتين المسائي مجرد تسهيل الصباح لتساهم في بناء شخصية الأطفال على المدى البعيد فهم يتعلمون النظام والاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية منذ سن مبكرة. ومع مرور الوقت تصبح هذه الخطوات جزءا من عاداتهم اليومية يقومون بها بشكل تلقائي دون الحاجة لتذكير مستمر من الأم مما يخلق جوا أسريا أكثر هدوءا وإيجابية للجميع.