
يشهد سوق الذهب العالمي حالة من الاستقرار الملحوظ خلال تعاملات اليوم الجمعة حيث يتأرجح المعدن الأصفر في نطاق سعري ضيق بعد أن سجل مستويات تاريخية غير مسبوقة هذا الأسبوع ويأتي هذا الثبات نتيجة لتأثير قوى متعارضة تضغط على الأسعار من اتجاهات مختلفة.
عززت بيانات اقتصادية أمريكية قوية صدرت مؤخراً من قوة الدولار الأمريكي الذي وصل إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع الأمر الذي شكل ضغطاً على أسعار الذهب وأظهرت البيانات نمواً فاق التوقعات في الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثاني مدفوعاً بزيادة إنفاق المستهلكين وقوة استثمارات الشركات بالإضافة إلى انخفاض طلبات إعانة البطالة.
في المقابل وجد الذهب دعماً حال دون هبوطه بشكل حاد بفضل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية جديدة وعقابية اعتباراً من بداية أكتوبر تشمل رسوماً بنسبة مئة بالمئة على واردات الأدوية وقد أدت هذه الخطوة إلى تجدد حالة عدم اليقين في الأسواق ودفعت بعض المستثمرين للجوء إلى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في أوقات الاضطرابات.
تفاعلت الأسواق مع هذه التطورات الاقتصادية والسياسية حيث قلص المستثمرون من توقعاتهم بشأن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعاته القادمة وانخفضت احتمالات خفض الفائدة في أكتوبر إلى خمسة وثمانين بالمئة وفي ديسمبر إلى ستين بالمئة بعد أن كانت التوقعات أعلى قبل صدور البيانات الاقتصادية القوية.
أما على صعيد حركة الأسعار فقد تحركت أونصة الذهب في نطاق محدود بين مستوى 3754 دولاراً و3734 دولاراً قبل أن تستقر حول 3745 دولاراً للأونصة وهذا هو اليوم الثاني على التوالي من التداول العرضي بعد أن لامس الذهب أعلى قمة تاريخية له عند 3791 دولاراً ورغم ذلك يظل المعدن في طريقه لتسجيل مكاسب للأسبوع السادس على التوالي.
يراقب المحللون عن كثب مستوى 3712 دولاراً للأونصة باعتباره أول منطقة دعم فني مهمة قد يتجه إليها السعر في حال بدء موجة تصحيح هابطة لكنهم يؤكدون أن الاتجاه العام للذهب لا يزال صاعداً في ظل عدم وجود مؤشرات قوية على انعكاس وشيك في مساره.
جاءت تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لتضيف المزيد من الحذر للأسواق حيث أشار رئيسه جيروم باول إلى المخاطر المتزايدة الناجمة عن استمرار التضخم وضعف سوق العمل وهي تصريحات تدعم فكرة عدم التعجل في خفض الفائدة مما يلقي بظلاله على جاذبية الذهب الذي لا يدر عائداً.
تتركز أنظار المتعاملين الآن على بيانات مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي المقرر صدورها في وقت لاحق اليوم حيث يعتبر هذا المؤشر هو المقياس المفضل لدى البنك الفيدرالي الأمريكي لتقييم مستويات التضخم وستكون لنتائجه الكلمة الفصل في تحديد ما إذا كان الذهب سيواصل مساره الصاعد أم سيدخل في مرحلة تصحيح فعلي.