
يعد نقص فيتامين B12 لدى الأطفال مشكلة صحية خطيرة قد تتجاوز مجرد الشعور بالتعب لتصل إلى مضاعفات دائمة تؤثر على نموهم العقلي والجسدي. ويحذر الخبراء من أن تجاهل هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى تأخر في النمو الذهني والحركي ومشاكل عصبية مزمنة قد يصعب علاجها لاحقًا بالإضافة إلى ضعف جهاز المناعة وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
تتعدد العوامل التي تؤدي إلى نقص هذا الفيتامين الحيوي عند الصغار وأبرزها اتباع أنظمة غذائية تفتقر للمنتجات الحيوانية مثل اللحوم والأسماك والبيض ومنتجات الألبان خاصة الأنظمة النباتية الصارمة التي لا تتضمن بدائل مدعمة. كما تلعب اضطرابات الجهاز الهضمي دورا رئيسيا كمرض كرون أو التهاب المعدة الضموري وقد يكون السبب وجود طفيليات معوية تعيق الامتصاص أو الخضوع لجراحات سابقة في المعدة أو الأمعاء. وفي بعض الحالات يولد أطفال بخلل وراثي يمنعهم من امتصاص الفيتامين أو يعانون من نقص العامل الداخلي الضروري لهذه العملية. كذلك يمكن لبعض الأدوية مثل علاجات الحموضة المستخدمة لفترات طويلة وبعض أنواع المضادات الحيوية وأدوية الصرع أن تؤثر سلبا على مستوياته في الجسم. ولا يمكن إغفال تأثير صحة الأم فنقص الفيتامين لديها خلال الحمل قد ينتقل إلى الطفل عند الولادة أو عبر الرضاعة الطبيعية.
تظهر أعراض نقص فيتامين B12 على الأطفال بصور مختلفة تتفاوت في شدتها وتشمل الشعور بضعف عام وإرهاق مستمر وفقدان الشهية وما يترتب عليه من نقص في الوزن مع شحوب ملحوظ في لون البشرة. وقد يلاحظ الأهل تأخرا في التطور الحركي أو العقلي مقارنة بأقران الطفل وصعوبات واضحة في التركيز وضعفا في الذاكرة. ومن العلامات العصبية المهمة الشعور بالتنميل أو الوخز في اليدين والقدمين واضطرابات في التوازن والحركة. كما يؤدي النقص إلى فقر الدم الضخم الأرومات وما يرافقه من دوخة وصداع متكرر وزيادة في سرعة ضربات القلب والتنفس. وقد يعاني الطفل أيضا من مشكلات هضمية مثل الإسهال أو الإمساك المتكرر مع انتفاخ وألم في البطن بالإضافة إلى التهاب اللسان واحمراره أو تشققه.
يعتمد علاج نقص فيتامين B12 على تحديد السبب الرئيسي ودرجة النقص وتشمل الخطة العلاجية عادة تعديل النظام الغذائي عبر إدخال أطعمة غنية به مثل الكبدة واللحوم الحمراء والأسماك كالسلمون والتونة والبيض والحليب ومشتقاته. وقد يصف الطبيب مكملات غذائية على شكل شراب أو أقراص لتعويض النقص. وفي الحالات الشديدة أو عند وجود مشاكل في الامتصاص يتم اللجوء إلى الحقن العضلية لتعويض النقص بسرعة وفعالية. ويتضمن العلاج أيضا التعامل مع أي مشاكل صحية مسببة للحالة مثل معالجة الطفيليات أو الالتهابات المعوية ومراجعة الأدوية التي يتناولها الطفل واستبدالها إذا لزم الأمر تحت إشراف طبي.
للوقاية من حدوث نقص فيتامين B12 عند الأطفال ينصح الخبراء باتباع مجموعة من الإجراءات الاحترازية أهمها الحرص على تقديم وجبات غذائية متوازنة ومتكاملة تحتوي على مصادره الطبيعية أو الأطعمة المدعمة به. كما يجب على الأم الحامل والمرضع التأكد من حصولها على كميات كافية من الفيتامين لضمان صحة طفلها ونمو مخزونه من هذا العنصر الغذائي الهام. ويوصى بإجراء فحوصات دم دورية للأطفال الأكثر عرضة للخطر خاصة الذين يتبعون أنظمة غذائية مقيدة أو يعانون من ضعف في النمو أو مشكلات في الشهية. وتشمل الوقاية أيضا تجنب استخدام الأدوية المؤثرة على الامتصاص لفترات طويلة دون إشراف طبي إلى جانب زيادة وعي الأمهات بأهمية هذا العنصر الغذائي لنمو الأطفال.