ركوب الدراجة ليس مجرد رياضة بل درع لذاكرتك ودراسة حديثة تكشف السر

كشفت أبحاث علمية حديثة عن وجود علاقة مباشرة وقوية بين ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية وتعزيز صحة الدماغ وقدرات الذاكرة بشكل ملحوظ حيث توصل العلماء إلى أن هذا النشاط البدني يحفز إنتاج بروتين حيوي يعرف باسم عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ وهو المسؤول عن حماية الخلايا العصبية.

يقدم هذا الاكتشاف فهما أعمق لكيفية تأثير التمارين الرياضية على الوظائف الإدراكية للإنسان إذ يعمل البروتين المذكور بمثابة سماد لخلايا الدماغ فهو لا يدعم بقاء الخلايا العصبية الحالية فحسب بل يشجع أيضا على نمو خلايا جديدة وتقوية الروابط العصبية بينها وهي العملية الأساسية للتعلم وتكوين الذكريات طويلة الأمد.

وللتوصل إلى هذه النتائج أجرى الباحثون تجارب محكمة على مجموعة من المشاركين حيث قاموا بقياس مستويات هذا البروتين في الدم بعد ممارسة ركوب الدراجات بأنماط مختلفة وشملت هذه الأنماط جلسات ركوب سهلة وطويلة الأمد مقارنة بفترات قصيرة من الركوب الشاق والمكثف.

أظهرت النتائج بشكل واضح أن الزيادة الأكبر في مستويات بروتين الدماغ المفيد تحققت بعد ممارسة ركوب الدراجات بكثافة عالية لفترات قصيرة ومتقطعة وعلى وجه التحديد وجد أن ست دقائق فقط من الركوب السريع والمجهد كانت كفيلة برفع مستويات البروتين بشكل كبير مقارنة بجلسات الركوب الخفيفة التي استمرت لفترات أطول.

يفسر العلماء هذا الأمر بأن الجهد البدني المرتفع يرسل إشارات قوية إلى الجسم والدماغ للحاجة إلى التكيف والتطور مما يحفز آليات الحماية والإصلاح الذاتي بما في ذلك إنتاج البروتينات الحيوية التي تدعم مرونة الدماغ وقدرته على مقاومة التلف المرتبط بالتقدم في العمر.

تقدم هذه النتائج رؤية عملية للأشخاص الذين يسعون لتحسين ذاكرتهم وصحتهم العقلية حيث تشير إلى أن دمج فترات قصيرة من التمارين عالية الكثافة ضمن روتين ركوب الدراجات قد يكون أكثر فعالية من ممارسة الرياضة بوتيرة معتدلة لفترات طويلة وهذا النهج قد يساهم في الوقاية من الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر وباركنسون.

تناولت الدراسة أيضا تأثير الصيام على مستويات البروتين ووجدت أنه يرفعها بشكل طفيف لكن المثير للاهتمام هو أن الجمع بين الصيام وركوب الدراجات لم يؤد إلى زيادة إضافية في مستويات البروتين مما يشير إلى أن التمرين المكثف هو المحفز الأقوى والأكثر تأثيرا بشكل مستقل.

يؤكد هذا البحث على أن ركوب الدراجة ليس مجرد نشاط للحفاظ على اللياقة البدنية بل هو أداة فعالة يمكن استغلالها بشكل استراتيجي لتعزيز الوظائف المعرفية وحماية الذاكرة على المدى الطويل ويفتح الباب أمام استكشاف أنواع معينة من التمارين كجزء من برامج الحفاظ على الصحة العقلية.