
يُعرف الورم النقوي المتعدد أو ما يسمى بداء كايلر بأنه أحد أنواع سرطانات الدم التي تتكون داخل خلايا البلازما وهي نوع محدد من خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة التي تحارب العدوى ورغم عدم توفر علاج شاف تماما حتى الآن إلا أن الخطط العلاجية الحالية تركز على إبطاء تقدم المرض وتخفيف حدة الأعراض المصاحبة له.
في حالة الإصابة بالورم النقوي المتعدد تبدأ خلايا البلازما بالتكاثر على نحو غير طبيعي ومنضبط مما ينتج عنه كميات هائلة من بروتين الغلوبيولين المناعي الذي يتراكم بدوره في الدم والعظام مسببا تلفا تدريجيا في أعضاء الجسم المختلفة كما أن هذه الخلايا الشاذة تزاحم خلايا الدم السليمة داخل نخاع العظم وتطلق مواد كيميائية تحفز خلايا أخرى على تآكل النسيج العظمي وهو ما يؤدي لظهور مناطق ضعيفة وهشة في العظام تعرف باسم الآفات الحالة للعظم ومع تفاقم الحالة تنتشر خلايا البلازما السرطانية خارج نطاق نخاع العظم لتصل إلى أعضاء أخرى وتسبب المزيد من الأضرار.
قد لا تظهر أعراض واضحة في المراحل المبكرة من المرض لكن بمرور الوقت يبدأ المريض بالشعور بآلام في العظام وضعف عام وإرهاق وقد يعاني أيضا من فقدان للشهية والوزن واضطرابات في المعدة مصحوبة بإمساك بالإضافة إلى التشوش الذهني والعطش الشديد كما أن تكرار الإصابة بالعدوى وضعف أو خدر في الذراعين والساقين يعد من العلامات المحتملة.
يمكن أن يؤدي الورم النقوي المتعدد إلى مضاعفات خطيرة تشمل مشاكل في العظام التي تصبح ضعيفة وأكثر عرضة للكسور ومشكلات في الدم مثل فقر الدم أو الأنيميا الناتج عن نقص خلايا الدم الحمراء مما يسبب التعب والشحوب وقد يؤثر على القلب بالإضافة إلى نقص الصفائح الدموية الذي يعيق عملية تخثر الدم كما يضعف المرض الجهاز المناعي نتيجة إنتاج أجسام مضادة ضعيفة تزاحم الأجسام المضادة الصحية مما يجعل المريض أكثر عرضة للعدوى وقد يتسبب أيضا في تلف الكلى نتيجة انسدادها بالبروتينات الزائدة مما قد يصل إلى الفشل الكلوي.
لا يزال السبب المباشر للإصابة بالورم النقوي المتعدد غير مؤكد لكن الخبراء حددوا مجموعة من عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية حدوثه منها التقدم في العمر وتجاوز سن 65 عاما كما أن الذكور أكثر عرضة للإصابة به من الإناث ويلعب التاريخ العائلي دورا في زيادة المخاطر وكذلك السمنة أو زيادة الوزن والتعرض المسبق للإشعاع أو لبعض المواد الكيميائية كتلك المستخدمة في صناعات المطاط والنجارة ومكافحة الحرائق ومبيدات الأعشاب.
يُعد الورم النقوي المتعدد جزءا من مجموعة أوسع من الاضطرابات التي تؤثر على خلايا البلازما مثل الاعتلال الغامائي أحادي النسيلة الذي تنتج فيه خلايا البلازما نسخا مفرطة من جسم مضاد واحد ويعتبر الورم النقوي أحد أشكال هذا الاعتلال وهناك شكل آخر هو الاعتلال الغامائي أحادي النسيلة ذو الأهمية غير المحددة الذي قد يرفع احتمالية الإصابة بالورم النقوي لاحقا كما يوجد الورم البلازمي الانفرادي وهو يشبه الورم النقوي لكنه يسبب ورما واحدا فقط من خلايا البلازما الشاذة وقد يزيد من خطر الإصابة بالمرض أيضا وهناك أيضا الداء النشواني السلسلة الخفيفة الذي يتميز بوجود خلايا بلازما غير طبيعية في نخاع العظم ولكن بأعداد أقل من الورم النقوي وأخيرا كثرة الكريات البيض الكبيرة في والدنستروم الذي يجمع بين خصائص الاعتلال الغامائي أحادي النسيلة وسرطان الجهاز اللمفاوي.
يتم تصنيف حالات المرض إلى خطر مرتفع أو متوسط أو قياسي بناء على التركيب الجيني للأورام وفي حال عدم ظهور أعراض قد يفضل الطبيب المراقبة الدقيقة بدلا من العلاج الفوري أما للمرضى الذين يعانون من أعراض فيهدف العلاج إلى تحسين جودة الحياة وتخفيف المعاناة وتوفير التغذية الملائمة.
تعتمد خيارات العلاج الدوائي على عمر المريض وحالة السرطان وتشمل العلاج الكيميائي والعلاجات الموجهة التي تستهدف بروتينات أو جينات معينة لمنع نمو السرطان ومثبطات البروتياسوم التي تؤدي إلى موت الخلايا السرطانية عن طريق منعها من تحليل البروتينات الزائدة بالإضافة إلى مثبطات هيستون ديسيتيلاز التي تؤثر على نشاط الجينات داخل الخلايا ومثبطات التصدير النووي التي تستخدم للمرضى الذين لم تستجب حالاتهم للعلاجات الأخرى وكذلك الأدوية المعدلة للمناعة التي تقوي الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية والعلاج المناعي الذي يستغل قدرات الجسم المناعية لمحاربة المرض.
قد يقترح الطبيب أيضا إجراء زراعة للخلايا الجذعية حيث يتم جمع وتخزين خلايا جذعية من المريض نفسه أو من متبرع ثم يخضع المريض لجرعات عالية من العلاج الكيميائي وأحيانا الإشعاعي لتدمير معظم خلايا نخاع العظم وبعد ذلك يتم حقن الخلايا الجذعية المحفوظة في جسمه لتبدأ بإنتاج خلايا دم سليمة.
في حال تسبب المرض في تلف مؤلم للعظام يمكن اللجوء لعلاجات إضافية مثل أدوية البيسفوسفونات التي تبطئ عملية تحلل العظام أو الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي توقف نشاط الخلايا التي تكسر العظام كما يمكن استخدام العلاج الإشعاعي لتوجيه حزم طاقة نحو العظم المصاب لقتل الخلايا السرطانية وتخفيف الألم وتقوية المناطق الضعيفة.
للمساعدة على تحسين الحالة العامة أثناء العلاج يُنصح المرضى باتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على النشاط والطاقة وحماية العظام والحصول على قسط واف من الراحة خلال اليوم مع استغلال الأيام التي يشعرون فيها بالتحسن لممارسة الأنشطة التي يستمتعون بها.