
شهدت أسواق الذهب المحلية ارتفاعا ملحوظا خلال تعاملات الأسبوع الماضي حيث قفزت الأسعار بنسبة تقارب 2.1 بالمئة ويأتي هذا الصعود متزامنا مع موجة مكاسب عالمية دفعت سعر الأوقية للزيادة بنسبة 2 بالمئة في البورصات العالمية مما يعكس تزايد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة.
عززت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والتوقعات المتنامية بشأن خفض أسعار الفائدة الأمريكية من جاذبية المعدن الأصفر عالميا مما انعكس مباشرة على السوق المصرية حيث سجل جرام الذهب عيار 21 الأكثر شيوعا زيادة قدرها 105 جنيهات خلال أسبوع واحد ليغلق التعاملات عند مستوى 5075 جنيها بعد أن افتتحها عند 4970 جنيها ولامس خلالها ذروة تاريخية جديدة عند مستوى 5100 جنيه.
على الصعيد العالمي لم تكن الصورة مختلفة إذ حققت الأوقية مكاسب قوية بلغت 75 دولارا حيث بدأت الأسبوع عند 3685 دولارا ووصلت إلى أعلى مستوياتها التاريخية عند 3791 دولارا قبل أن تستقر عند 3760 دولارا عند الإغلاق وبهذا تقترب مكاسب الذهب محليا من إنهاء تعاملات شهر سبتمبر على ارتفاع يتجاوز 385 جنيها بنسبة تقارب 11 بالمئة بينما تتجه مكاسب الأوقية عالميا لتسجيل زيادة بنحو 313 دولارا بنسبة 9 بالمئة.
ولا يقتصر هذا الأداء القوي على الذهب فقط بل يمتد ليشمل المعادن النفيسة الأخرى التي تشهد موجة صعود قوية منذ ثلاث سنوات فمنذ بداية العام الحالي ارتفع الذهب بنسبة 43 بالمئة وتلته الفضة بزيادة 55 بالمئة ثم البلاتين الذي حقق قفزة بنسبة 71 بالمئة مسجلة جميعها مستويات سعرية لم تشهدها من قبل ويعتبر أداء الذهب هذا العام هو الأقوى له منذ عام 1979.
تستند هذه الارتفاعات القياسية إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية الكلية أبرزها تفاقم الديون السيادية على مستوى العالم والتوقعات بضعف الدولار الأمريكي في ظل اتجاه البنوك المركزية الكبرى نحو سياسات نقدية تيسيرية بالإضافة إلى استمرار الطلب القوي على الذهب من قبل البنوك المركزية نفسها وعلى رأسها بنك الشعب الصيني الذي تشير التقديرات إلى شرائه حوالي 33 طنا شهريا منذ عام 2022.
لقد دعمت البيانات الاقتصادية الصادرة في الولايات المتحدة هذه التوجهات حيث أظهر مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي المقياس المفضل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لمتابعة التضخم استقراره دون مستوى 3 بالمئة مما يعزز فرص خفض الفائدة قبل نهاية العام وفي المقابل تراجع مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيجان مما يعكس حالة من القلق في الأسواق.
وقد عبر عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي عن مخاوفهم بشأن هشاشة سوق العمل إذ أشارت ميشيل بومان عضو مجلس المحافظين إلى ضعف في نمو الوظائف بينما دعا توماس باركين رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند إلى الحذر وتترجم الأسواق هذه المؤشرات إلى توقعات قوية بخفض الفائدة حيث تسعر حاليا احتمالا بنسبة 88 بالمئة لخفضها في أكتوبر.
زاد من جاذبية الذهب أيضا المخاوف المتعلقة بإمكانية حدوث إغلاق حكومي في الولايات المتحدة بسبب تعثر مفاوضات تمويل الميزانية في الكونجرس فضلا عن أن استمرار ارتفاع الدين العام الأمريكي يضعف الثقة بالدولار ويدفع المستثمرين نحو أصول أكثر أمانا مثل الذهب.
ظهر هذا الإقبال الاستثماري جليا في تدفقات صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب حيث سجل صندوق SPDR Gold Shares أكبر صندوق من نوعه في العالم أكبر تدفق يومي في تاريخه بأكثر من 18 طنا الأسبوع الماضي في إشارة واضحة على عودة قوية للطلب الاستثماري ورغم هذه التدفقات القياسية يرى المحللون أن حيازة الذهب لا تزال منخفضة على المدى الطويل مما يدعم استمرار الاتجاه الصاعد.
في سياق متصل سجلت المعادن الأخرى أداء لافتا حيث ارتفعت الفضة إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عاما متجاوزة 46 دولارا للأوقية بزيادة أسبوعية فاقت 7 بالمئة كما واصل البلاتين مكاسبه مدعوما بزيادة الطلب الصناعي وتراجع الإمدادات العالمية.
وبالعودة للأسعار المحلية سجل جرام الذهب عيار 24 نحو 5800 جنيه وبلغ سعر جرام عيار 18 حوالي 4350 جنيها بينما وصل سعر جرام عيار 14 إلى 3384 جنيها واستقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 40600 جنيه.
يترقب المستثمرون خلال الأسبوع المقبل صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الهامة في الولايات المتحدة تشمل مؤشر التوظيف وطلبات البطالة وبيانات الوظائف غير الزراعية والتي سيكون لها تأثير حاسم في تحديد مسار السياسة النقدية الأمريكية وبالتالي تحديد الاتجاه القادم لأسعار المعادن النفيسة.