
تجدد منظمة الصحة العالمية في الثامن والعشرين من سبتمبر من كل عام تسليط الضوء على خطورة داء الكلب وهو مرض فيروسي قاتل يستهدف الجهاز العصبي المركزي بشكل مباشر ورغم أنه مرض يمكن الوقاية منه بالكامل فإنه لا يزال مسؤولا عن وفاة الآلاف من الأشخاص حول العالم سنويا.
تكمن خطورة هذا المرض في أن أعراضه السريرية حين تظهر تعني أن الحالة أصبحت مميتة في الغالب وتكشف الإحصاءات أن الأطفال دون سن الخامسة عشرة يشكلون نحو أربعين بالمئة من إجمالي الضحايا وهو ما يضاعف من أهمية حملات التوعية والوقاية الموجهة للأسر والمجتمعات.
تنتقل عدوى داء الكلب إلى الإنسان غالبا عبر عضة أو خدش من حيوان مصاب وتعد الكلاب هي الناقل الرئيسي للفيروس في معظم الحالات. كما يمكن أن ينتقل الفيروس إذا لامس لعاب الحيوان المصاب العين أو الفم أو أي جروح مفتوحة على جلد الإنسان مما يستدعي الحذر عند التعامل مع الحيوانات غير المعروفة.
تبدأ الأعراض الأولية للمرض عادة بصورة بسيطة تشمل الحمى والألم وشعورا غريبا بالوخز أو الحرقان في منطقة الإصابة. ولكن مع تطور المرض داخل الجسم يهاجم الفيروس الدماغ والحبل الشوكي مباشرة مما يؤدي إلى التهاب حاد وقاتل لا يمكن علاجه في هذه المرحلة المتقدمة.
يتخذ داء الكلب عند الإنسان شكلين إكلينيكيين مختلفين الأول هو النوع الهياجي ويتميز بظهور أعراض مثل فرط النشاط والهلوسة وفقدان القدرة على التنسيق بالإضافة إلى رهاب الماء وهو خوف شديد من شرب السوائل. أما الشكل الثاني فهو النوع الشللي ويمثل حوالي عشرين بالمئة من الحالات ويبدأ بحدوث شلل تدريجي يبدأ من مكان العضة أو الخدش ثم يمتد إلى باقي أجزاء الجسم وينتهي بالدخول في غيبوبة.
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن التدخل الطبي الفوري والسريع هو خط الدفاع الأول والوحيد لإنقاذ حياة الشخص الذي تعرض للعدوى. وتشمل خطوات الاستجابة العاجلة غسل الجرح جيدا بالماء الجاري والصابون لمدة لا تقل عن خمس عشرة دقيقة ثم علاجه طبيا في أقرب مركز صحي والحصول على الجرعات الكاملة من لقاح داء الكلب. وقد تستدعي الحاجة أيضا استخدام الغلوبولين المناعي أو ما يعرف بالأجسام المضادة لتقديم حماية إضافية وفورية.
يمثل تشخيص المرض تحديا كبيرا في مراحله المبكرة حيث لا يمكن تأكيده إلا بعد ظهور الأعراض المميزة أو من خلال إجراء فحوصات مخبرية متخصصة. لذلك فإن الوقاية تبقى هي الاستراتيجية الأهم وتعتمد بشكل أساسي على تطعيم الكلاب لقطع سلسلة انتقال العدوى من مصدرها الرئيسي وكذلك توفير التطعيم الوقائي للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة كالبيطريين والعاملين في مجال رعاية الحيوان. كما يلعب نشر الوعي المجتمعي حول مخاطر عضات الحيوانات وضرورة طلب المساعدة الطبية الفورية دورا حاسما في إنقاذ الأرواح.