
يعاني الكثيرون من آلام عرق النسا المبرحة التي تزداد حدتها خلال ساعات الليل وتتحول إلى تحد حقيقي يمنعهم من الحصول على نوم مريح وهانئ حيث يؤثر هذا الألم الذي يمتد من أسفل الظهر إلى الساق على جودة الحياة بشكل عام ويجعل الأنشطة اليومية أكثر صعوبة.
وتعود أسباب هذه المشكلة الصحية الشائعة إلى الضغط الواقع على العصب الوركي وهو أطول عصب في الجسم ويمثل الانزلاق الغضروفي العامل الأكثر شيوعا لحدوث هذا الضغط حيث يبرز جزء من الغضروف بين الفقرات ويلامس العصب كما أن تضيق القناة الشوكية يعد سببا رئيسيا آخر إذ يؤدي إلى تضييق المساحة المتاحة للأعصاب وتساهم أنماط الحياة الحديثة التي تتضمن الجلوس لفترات طويلة وقلة الحركة في تفاقم المشكلة بالإضافة إلى الوزن الزائد الذي يفرض عبئا إضافيا على العمود الفقري والإصابات المباشرة التي قد تسبب التهابا أو تهيجا للعصب.
ولتخفيف حدة الألم خاصة قبل الخلود للنوم يمكن اللجوء إلى بعض الطرق الطبيعية الفعالة التي تساعد على استرخاء العضلات وتقليل الالتهاب ويعد استخدام الكمادات أحد أبرز هذه الطرق حيث تساعد الكمادات الباردة في بداية ظهور الألم على تقليل التورم بينما تعمل الكمادات الدافئة في حالات الألم المزمن على تحسين الدورة الدموية وإرخاء العضلات المتيبسة ويمكن تطبيقها لمدة عشرين دقيقة على منطقة الألم.
يساهم أداء تمارين التمدد الخفيفة بهدوء قبل النوم في تخفيف الضغط بشكل كبير عن العصب الوركي ومن بين التمارين البسيطة الاستلقاء على الظهر مع سحب إحدى الركبتين بلطف نحو الصدر والثبات على هذه الوضعية لبعض الوقت كما أن وضعية الحمامة المستوحاة من اليوجا تعمل على تمديد عضلات الورك بعمق مما يقلل من التشنجات ويسهل عملية الاستغراق في النوم.
ويلعب التدليك دورا مهما في تهدئة الألم حيث إن استخدام زيوت طبيعية دافئة مثل زيت الزيتون أو زيت الكافور أو زيت النعناع وتدليك منطقة أسفل الظهر والفخذ بها بلطف ينشط الدورة الدموية ويساعد على استرخاء العضلات كما أن تناول كوب دافئ من شاي الأعشاب المهدئة مثل البابونج الذي يقلل التشنجات العضلية أو الزنجبيل والكركم المعروفين بخصائصهما المضادة للالتهاب يعزز الشعور بالراحة والاسترخاء.
إن اتخاذ وضعيات نوم صحيحة أمر ضروري للحد من آلام عرق النسا ليلا وينصح الخبراء بالنوم على الجانب مع وضع وسادة بين الركبتين للحفاظ على استقامة العمود الفقري وتخفيف الضغط عنه ويجب تجنب النوم على البطن تماما لأنه يزيد من تقوس الظهر والضغط على الأعصاب كما أن اختيار مرتبة متوسطة الصلابة توفر الدعم الكافي للظهر يعد استثمارا مهما للصحة.
وبجانب الحلول الطبيعية لا يمكن إغفال أهمية العلاج الطبي الذي يعتمد على شدة الحالة وقد يصف الأطباء مسكنات ومضادات التهاب غير ستيرويدية لتخفيف الألم في الحالات البسيطة إلى المتوسطة بينما يعد العلاج الطبيعي حجر الزاوية في العلاج من خلال تمارين التقوية والتمدد المتخصصة وفي الحالات الأكثر شدة قد يتم اللجوء إلى الحقن الموضعية لتقليل الالتهاب حول العصب مباشرة ولا يتم التفكير في التدخل الجراحي إلا كحل أخير بعد فشل جميع الخيارات الأخرى.
لتحقيق أفضل النتائج يجب تبني نمط حياة صحي ومتوازن ويشمل ذلك ممارسة الرياضة بانتظام مثل المشي والسباحة لتقوية العضلات والحفاظ على مرونتها والحرص على وزن صحي لتخفيف العبء عن العمود الفقري كما أن ممارسة تقنيات التنفس العميق والاسترخاء تساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل الشعور بالألم والالتزام بجدول نوم ثابت يساهم في تحسين جودة النوم بشكل عام.