
يستعد ملعب فيسكال دي تالكا التاريخي الذي يقترب عمره من خمسة وتسعين عاما لاستقبال المنتخب السعودي الشاب لكرة القدم في أولى مبارياته ضمن بطولة كأس العالم للشباب 2025 حين يواجه نظيره الكولومبي فجر الثلاثاء مسطرا فصلا جديدا في سجل هذا الصرح الرياضي العريق الذي صمد أمام الزلازل والفيضانات وتغير اسمه وهويته عبر العقود.
تعود قصة إنشاء هذا الملعب إلى مطالب شعبية من سكان مدينة تالكا الذين كانوا يتطلعون إلى مكان مجهز لممارسة كرة القدم فقبل عام 1910 كانت الأندية الرياضية مضطرة لاستئجار قطع أراض صغيرة تفتقر للتجهيز والصيانة لمبارياتها وبناء على هذه الرغبة منح المجلس البلدي في عام 1920 امتيازا لرابطة كرة القدم المحلية لتشييد ملعب في موقع حلبة سباق خيل قديمة.
واجه المشروع في بداياته عقبات كبيرة إذ أدى نقص التمويل إلى توقف الأعمال وبقيت المدرجات في وضع سيئ زاد من تدهوره زلزال ضرب المنطقة عام 1928 مما دفع بلدية المدينة إلى شراء الأرض بالكامل عام 1929 وبعد عام واحد فقط تم افتتاح ملعب تالكا البلدي رسميا في 22 نوفمبر 1930 لكن تكاليف الصيانة المرتفعة دفعت المجلس لاقتراح نقل ملكيته إلى الدولة وهو ما تم بالفعل عام 1937 ليفتتح مجددا ضمن فعاليات الألعاب الجامعية ويحمل اسمه الجديد الملعب الحكومي.
شهد الملعب تحولا جذريا مع صعود نادي رينجرز دي تالكا المحلي وانضمامه إلى دوري الشرف للهواة عام 1949 ثم انتقاله إلى الدرجة الثانية الاحترافية عام 1952 الأمر الذي جعل الملعب مسرحا دائما للمباريات الهامة ودفع إلى إجراء تحسينات في بنيته التحتية وشملت التعديلات التي أجريت عام 1961 أرضية الملعب والمدرجات تحضيرا لاستضافة كأس العالم 1962 لكن زلزال فالديفيا المدمر عام 1960 ومحدودية الموارد حالا دون اختيار المدينة ضمن مقرات المونديال.
تواصلت أعمال التطوير على مر السنين ففي السبعينيات أعيد تصميم سقف المدرج الشرقي واستبدل بآخر مستقيم وجددت أسقف المدرج الغربي كما تم تركيب نظام إضاءة ليلية حديث عام 1987 وفي التسعينيات شملت التجديدات مضمار ألعاب القوى وحلبة الدراجات الهوائية.
دخل الملعب مرحلة إعادة بناء شاملة عام 2009 لكن زلزالا عنيفا ضرب تشيلي في فبراير 2010 وأجبر السلطات على تعليق الأعمال قبل استئنافها في مايو من العام نفسه حيث هدمت معظم الهياكل القديمة واستبدلت بمنشآت حديثة وأدت هذه التحديثات إلى خفض السعة الاستيعابية إلى 8200 متفرج بسبب تركيب مقاعد فردية مع إضافة مقصورات جديدة وتغيير أرضية اللعب وفي 20 ديسمبر 2011 أشرف الرئيس السابق سيباستيان بينيرا على حفل إعادة افتتاحه متعهدا بزيادة سعته مستقبلا.
في عام 2017 أعلنت الحكومة عن مشاريع توسعة جديدة لبناء مدرجين في الجهتين الشمالية والجنوبية وتركيب سقف حديث من أغشية PVC المشدودة وهو ما رفع السعة الإجمالية للملعب إلى حوالي 16 ألف متفرج واكتملت هذه الأعمال ليعاد افتتاح الملعب بحلته الجديدة في 9 أبريل 2019 ورغم التحديثات تعرض الملعب لفيضانات ضخمة في أغسطس 2023 ألحقت أضرارا بأرضيته وتطلبت إعادة زراعتها بالكامل وبعد ثلاثة أشهر من هذه الحادثة تم اختيار تشيلي رسميا لاستضافة مونديال الشباب 2025 ويعد الملعب اليوم المعقل الرسمي لنادي رينجرز دي تالكا المنافس في دوري الدرجة الثانية التشيلي.