
يشكل مرض اليد والقدم والفم عدوى فيروسية شائعة تصيب الأطفال بشكل خاص وتسببها فيروسات معوية من أشهرها فيروس كوكساكي وفيروس المعوي 71. ينتشر المرض بسهولة في التجمعات ويتميز بظهور أعراض واضحة تشمل تقرحات مؤلمة داخل الفم وطفح جلدي مميز على راحتي اليدين وباطن القدمين مما يسبب إزعاجا كبيرا للطفل.
تعتبر بيئات مثل الحضانات ومراكز الرعاية النهارية والملاعب العامة أرضا خصبة لانتشار الفيروس حيث يسهل انتقال العدوى نتيجة الاحتكاك المباشر بين الأطفال أو عبر لمس الأسطح والألعاب الملوثة التي لم يتم تعقيمها بشكل كاف. تنتقل العدوى بشكل أساسي عبر الجهاز الهضمي من خلال البراز أو إفرازات البثور الجلدية كما يمكن للفيروس أن ينتشر عبر رذاذ الجهاز التنفسي عند السعال أو العطس.
تبدأ رحلة المرض بمرحلة أولية قد تكون مربكة للأهل حيث تظهر أعراض عامة تشبه نزلات البرد وتستمر ليوم أو يومين. تشمل هذه العلامات المبكرة حمى تتراوح بين طفيفة ومتوسطة وشعورا عاما بالإرهاق والتعب والتهابا في الحلق مع فقدان للشهية. قد يعاني الطفل أيضا من إسهال خفيف أو تقيؤ وهو ما قد يؤخر التشخيص الصحيح للمرض في بداياته.
بعد ذلك تدخل العدوى مرحلتها الفعلية والأكثر وضوحا والتي تستمر عادة من ثلاثة إلى عشرة أيام حيث تظهر العلامات الفارقة للمرض. تبدأ تقرحات مؤلمة بالظهور على الغشاء المخاطي المبطن للفم وعلى اللسان واللثة وباطن الخدين. تظهر هذه التقرحات أولا على شكل حويصلات صغيرة بقطر يتراوح بين مليمترين وثلاثة مليمترات لكنها سرعان ما تنفجر مخلفة قرحا مؤلمة للغاية تجعل عملية البلع وتناول الطعام والشراب تحديا كبيرا للطفل المصاب مما يؤدي إلى زيادة إفراز اللعاب ورفض الأكل.
بالتزامن مع تقرحات الفم يظهر طفح جلدي مميز يبدأ كبقع حمراء صغيرة ثم يتطور سريعا إلى بثور أو فقاعات مائية يتراوح قطرها بين مليمترين وعشرة مليمترات. يتركز هذا الطفح بشكل أساسي على راحتي اليدين وباطن القدمين وقد يظهر أيضا على الركبتين وحول منطقة الحفاض لدى الرضع. تكون هذه البثور مرتفعة قليلا عن سطح الجلد وتحتوي على سائل شفاف يختفي عادة في غضون أسبوع تاركا وراءه أحيانا بقعا داكنة مؤقتة.
تسبق هذه الأعراض الواضحة فترة حضانة صامتة تمتد من ثلاثة إلى سبعة أيام بعد دخول الفيروس إلى الجسم. خلال هذه الفترة لا تظهر أي علامات للمرض على الشخص المصاب ولكنه يكون قادرا على نقل العدوى للآخرين دون علم وهو ما يزيد من صعوبة السيطرة على انتشاره خاصة أن الانتقال لا يقتصر على الاتصال المباشر بل يشمل لمس الأيدي الملوثة أو استخدام أدوات طعام مشتركة.
من المهم معرفة أن المرض لا يتبع دائما المسار النموذجي فهناك أشكال غير تقليدية للعدوى. أحد هذه الأشكال هو النموذج فائق الحدة الذي تتطور فيه المضاعفات بشكل متسارع وقد يؤدي إلى فشل في الجهاز التنفسي أو القلب أو الدخول في غيبوبة خلال 24 إلى 48 ساعة فقط. وهناك أيضا النموذج غير النمطي الذي تكون فيه الأعراض خفيفة أو غير واضحة مثل ظهور طفح جلدي خفيف أو قرحة فموية واحدة فقط أو حتى ظهور مضاعفات عصبية دون الأعراض الجلدية التقليدية.
نظرا لاحتمالية حدوث مضاعفات خطيرة يجب على الأهل مراقبة الطفل المصاب عن كثب والتوجه فورا إلى المستشفى عند ملاحظة أي علامات تحذيرية. تشمل هذه العلامات الخطرة استمرار ارتفاع درجة الحرارة مع التقيؤ المتكرر وظهور أعراض عصبية مثل اهتزاز الجسم أو الرجفة أو الخمول الشديد وفقدان الوعي أو التشنجات. كذلك يجب الانتباه لأي صعوبة في التنفس مثل التنفس السريع وغير المنتظم أو علامات فشل الدورة الدموية مثل برودة الأطراف وشحوب الجلد أو ازرقاقه وتسارع نبضات القلب.