تربية الأبناء على المسؤولية.. كيف تستغل سنوات الدراسة لغرس هذه القيمة الذهبية

تربية الأبناء على المسؤولية.. كيف تستغل سنوات الدراسة لغرس هذه القيمة الذهبية
تربية الأبناء على المسؤولية.. كيف تستغل سنوات الدراسة لغرس هذه القيمة الذهبية

يرى خبراء التربية أن فترة الدراسة تشكل مرحلة محورية وحاسمة في بناء شخصية الأبناء وتحديد معالم هويتهم المستقبلية فهي لا تقتصر على التحصيل الأكاديمي والمعرفي بل تمثل فرصة لا تعوض للوالدين والمربين لزرع قيم جوهرية في نفوسهم وفي مقدمتها قيمة تحمل المسؤولية.

إن غرس قيمة المسؤولية في نفوس الأطفال هو عملية بنائية متدرجة تبدأ مع السنوات الدراسية الأولى وتتطور معهم فهي تنقل الطفل من مرحلة الاعتماد الكامل على المحيطين به إلى الاستقلال الجزئي وصولا إلى النضج الكامل والقدرة على تحمل عواقب قراراته واختياراته وتبرز أهمية هذه المرحلة في كونها بيئة منظمة بقواعد وأنظمة محددة مما يسهل على الأهل والمعلمين توجيه الطفل نحو الالتزام وتثبيت مفهوم المسؤولية لديه بشكل عملي.

وتلعب المدرسة دورا حيويا كبيئة تطبيقية لتعلم المسؤولية فهي ليست مجرد مكان لتلقي العلوم بل مختبر واقعي للحياة يتعلم فيه الأبناء احترام الوقت عبر الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف كما يتعلمون المسؤولية الفردية من خلال إتمام واجباتهم الدراسية والمشاركة في الأنشطة المختلفة وعندما يشارك الطلاب في مشاريع جماعية يدركون أن تقصير أحدهم يؤثر على الفريق كاملا وهو ما يرسخ لديهم مفهوم المسؤولية الجماعية تجاه الآخرين.

ويتكامل دور الأسرة مع دور المدرسة لتكتمل المنظومة التربوية فالبيت هو المحطة الأولى التي يتلقى فيها الطفل دروسه عن المسؤولية ويمكن للوالدين استثمار فترة الدراسة لتعزيز هذه القيمة عبر تعليم الطفل تنظيم وقته بوضع جدول يومي يوازن بين المذاكرة واللعب والراحة والمشاركة في مهام المنزل البسيطة مثل ترتيب غرفته أو المساعدة في شؤون الأسرة فهذه المهام الصغيرة تبني شخصية مسؤولة بشكل تدريجي.

إن متابعة الوالدين لواجبات الأبناء يجب أن تكون دون تدخل مفرط فبدلا من حل الواجبات نيابة عن الطفل يجب تشجيعه على الاعتماد على نفسه وتحمل نتيجة أي تقصير قد يحدث كما أن الاعتراف بجهود الطفل وتقديم التشجيع عند إظهاره سلوكا مسؤولا يحفزه على الاستمرار ويعزز لديه الشعور بالإنجاز.

عندما ينمو لدى الطالب إحساس بأنه يمتلك دورا فاعلا في أسرته ومدرسته فإن ثقته بنفسه تتزايد بشكل كبير فالطفل الذي ينجز واجباته بانتظام دون رقابة دائمة يشعر بالفخر بقدراته وهذا الشعور بالمسؤولية يجعله أقدر على اتخاذ القرارات وفهم أن لكل قرار نتيجة مما يعده لمواجهة تحديات الحياة المستقبلية بثبات.

الأبناء الذين ينشأون على تحمل المسؤولية يكونون أكثر مناعة ضد الانجراف نحو السلوكيات السلبية مثل الكذب أو إلقاء اللوم على غيرهم عند الوقوع في الخطأ فهم يدركون أن الاعتراف بالخطأ هو جزء لا يتجزأ من تحمل المسؤولية وأن إصلاح الأخطاء هو السبيل لبناء شخصية قوية جديرة بالاحترام كما أن هذه القيمة تساعدهم على مقاومة الضغوط الاجتماعية إذ يصبحون قادرين على رفض ما يتعارض مع مبادئهم وواجباتهم.