
بعيداً عن كونه مجرد وسيلة لاستعادة النشاط بعد عناء يوم دراسي طويل فإن النوم يمثل عملية بيولوجية معقدة وحجر زاوية للصحة العامة والجمال خصوصاً للطالبات في مرحلة المراهقة والجامعة حيث تتزايد الضغوط وتتغير الهرمونات مما يجعل الحصول على قسط كاف من النوم ليس رفاهية بل ضرورة قصوى للحفاظ على توازن الجسم الداخلي وانعكاس ذلك على مظهر البشرة والشعر.
أكدت خبيرة التجميل هبه محمد أن النوم للطالبات في هذه المراحل العمرية الحساسة يعتبر ركيزة أساسية لا تقل أهمية عن التغذية السليمة أو ممارسة الرياضة فالآثار السلبية لقلة النوم لا تقتصر على ضعف التركيز والانتباه داخل قاعات الدراسة بل تمتد لتترك علامات واضحة ومباشرة على المظهر الخارجي حيث يبدأ الوجه في فقدان نضارته ويصبح شاحباً ويزداد تساقط الشعر ويصبح أكثر عرضة لمشكلات حب الشباب المؤرقة.
لذلك يجب على الطالبات فهم أن رحلة العناية بالجمال تبدأ من الداخل وأولى خطواتها وأكثرها فاعلية هي الالتزام بنوم منتظم وعميق.
أثناء ساعات النوم العميقة تتحسن الدورة الدموية بشكل ملحوظ في منطقة فروة الرأس وهذا التدفق المعزز للدم يعني وصول كميات أكبر من الأكسجين والعناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن إلى بصيلات الشعر وهو ما يحفزها على النمو بشكل أسرع وأكثر صحة كما أن النوم الجيد يقلل من مستويات هرمونات التوتر التي تعد سبباً رئيسياً لضعف البصيلات وتساقط الشعر خاصة خلال فترات الامتحانات والضغوط النفسية.
علاوة على ذلك يساعد النوم الجسم على إنتاج البروتينات الحيوية وأهمها الكيراتين الذي يشكل المكون الأساسي لبنية الشعرة وعندما يقل النوم يتأثر إنتاج هذه المواد فتفقد خصلات الشعر قوتها ولمعانها الطبيعي وتصبح باهتة وهشة كما أن اضطراب النوم يؤثر على التوازن الهرموني العام مما قد يفاقم مشكلات جفاف فروة الرأس وظهور القشرة المزعجة.
أما بالنسبة للبشرة فإن النوم يعمل بمثابة ورشة إصلاح ليلية فخلال النوم يزداد إفراز هرمون النمو الذي يلعب دوراً محورياً في تجديد وإصلاح الخلايا التالفة نتيجة التعرض لأشعة الشمس والتلوث وعوامل الإجهاد اليومية وهذا النشاط الخلوي يساعد على تقليل ظهور البقع الداكنة ويسرع من شفاء حب الشباب مما يمنح البشرة إشراقاً وصفاء ملحوظاً في الصباح.
من أبرز نتائج السهر الطويل وقلة النوم التي تعاني منها الطالبات ظهور الهالات السوداء والانتفاخات تحت العينين والنوم المنتظم لمدة تتراوح بين سبع وتسع ساعات يومياً يعزز الدورة الدموية الصحية ويساعد على تصريف السوائل المحتبسة مما يقلل بشكل كبير من هذه العلامات ويمنح الوجه مظهراً أكثر حيوية وشباباً كما أن النوم الكافي يحافظ على توازن السوائل في الجسم ويمنع الجفاف الذي يجعل البشرة تبدو باهتة ومرهقة ويسرع من ظهور الخطوط الدقيقة.
يرتبط اضطراب النوم أيضاً بزيادة إنتاج هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون التوتر والذي يحفز الغدد الدهنية على إفراز المزيد من الزيوت مما يؤدي إلى انسداد المسام وتفاقم مشكلة حب الشباب أما النوم الجيد فيعمل على خفض مستويات التوتر وتهدئة الالتهابات الجلدية وعلى المدى الطويل يحمي النوم من علامات التقدم المبكر في السن لأنه يعزز إنتاج الكولاجين وهو البروتين المسؤول عن مرونة البشرة ومتانتها.
للحصول على نوم صحي وفعال ينصح الخبراء الطالبات باتباع روتين يومي من خلال تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ حتى في أيام العطلات لضبط الساعة البيولوجية للجسم ومن الضروري أيضاً تهيئة بيئة نوم مثالية بحيث تكون الغرفة مظلمة وهادئة وذات درجة حرارة معتدلة.
يجب تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة والحواسيب قبل ساعة على الأقل من موعد النوم لأن الضوء الأزرق المنبعث منها يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن الشعور بالنعاس كما ينبغي الامتناع عن تناول المشروبات التي تحتوي على منبهات مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية في المساء وممارسة بعض الأنشطة الرياضية الخفيفة خلال النهار مثل المشي يمكن أن يحسن بشكل كبير من جودة وعمق النوم ليلاً.