
يعد مخلل الكرنب أحد الأطباق الجانبية الشهيرة التي لا تقتصر قيمتها على مذاقها المميز الذي يزين الموائد بل تمتد لتشمل فوائد صحية هائلة تجعله غذاء وظيفيا بامتياز. ويشير خبراء التغذية العلاجية إلى أن هذا النوع من المخللات الذي اعتادت الأمهات إعداده في المنزل يخفي وراء نكهته اللاذعة كنوزا من العناصر الغذائية الضرورية لصحة الجسم.
يكمن أحد أهم أسرار القيمة الصحية لمخلل الكرنب في كونه طعاما مُخمرا يحتوي على كميات وفيرة من البروبيوتيك وهي بكتيريا نافعة تلعب دورا حيويا في تعزيز توازن الميكروبيوم المعوي. هذا التوازن البكتيري ينعكس إيجابا على صحة الجهاز الهضمي حيث يساهم في تحسين عملية الهضم وتخفيف مشكلات القولون المزعجة مثل الانتفاخ والغازات فضلا عن دوره في الوقاية من الإمساك المزمن وتحسين قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
لا تتوقف فوائد البروبيوتيك عند حدود الجهاز الهضمي بل تمتد لتقوية جهاز المناعة بشكل كبير حيث تعتبر الأمعاء مركزا رئيسيا للمناعة في الجسم. وبجانب البكتيريا النافعة فإن الكرنب نفسه غني بفيتامين C المعروف بقدرته الفائقة على مقاومة العدوى وتحفيز إنتاج خلايا الدم البيضاء التي تشكل خط الدفاع الأول ضد الجراثيم والفيروسات المختلفة.
يساهم تناول مخلل الكرنب أيضا في دعم صحة القلب والأوعية الدموية فهو يحتوي على مركبات نباتية طبيعية وألياف غذائية تساعد على خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم مما يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين. كما أن عنصر البوتاسيوم الموجود في الكرنب يساعد على تنظيم ضغط الدم والحفاظ عليه ضمن مستوياته الطبيعية.
يحتوي الكرنب على مضادات أكسدة قوية مثل مركبات الأنثوسيانين وفيتاميني C و A التي تعمل على محاربة الجذور الحرة في الجسم. وتلعب هذه العملية دورا محوريا في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة والخطيرة مثل أمراض القلب والسكري وبعض أنواع السرطان.
يمثل مخلل الكرنب مصدرا مهما لفيتامين K الذي يعد عنصرا أساسيا لصحة العظام إذ يلعب دورا رئيسيا في زيادة كثافتها وتقويتها مما يساهم في الوقاية من مرض هشاشة العظام خاصة مع التقدم في العمر.
لمن يتبعون أنظمة غذائية بهدف إنقاص الوزن يعتبر مخلل الكرنب خيارا مثاليا فهو منخفض السعرات الحرارية وفي الوقت نفسه يحتوي على نسبة جيدة من الألياف الغذائية التي تمنح إحساسا قويا بالشبع والامتلاء لفترات أطول مما يقلل من كمية الطعام المتناولة.
أظهرت بعض الدراسات الحديثة وجود ارتباط وثيق بين صحة الأمعاء والصحة النفسية فيما يعرف بمحور الأمعاء-الدماغ. وتشير هذه الأبحاث إلى أن البروبيوتيك الموجود في الأطعمة المخمرة مثل مخلل الكرنب قد يكون له تأثير إيجابي في تقليل أعراض القلق والاكتئاب.
لصحة البشرة نصيب أيضا من فوائد هذا الطبق حيث إن محتواه من فيتامين C ومضادات الأكسدة يعزز إنتاج الكولاجين في الجلد وهو البروتين المسؤول عن مرونة البشرة ونضارتها مما يساعد على تقليل ظهور التجاعيد والحفاظ على مظهر حيوي وشاب.
يساعد المحتوى العالي من الألياف في مخلل الكرنب على إبطاء عملية امتصاص سكر الجلوكوز في الدم وهذا الأمر يجعله طعاما مفيدا للمساعدة في تحسين مستويات السكر والسيطرة عليها خصوصا لدى مرضى السكري من النوع الثاني.
على الرغم من كل هذه الفوائد العديدة يجب التنويه إلى ضرورة الاعتدال في تناول مخلل الكرنب نظرا لاحتوائه على نسبة عالية من الصوديوم نتيجة لعملية التخليل بالملح وهو ما قد يشكل خطرا على مرضى ضغط الدم المرتفع. وينصح بعض الخبراء بغسله قليلا بالماء قبل تناوله لتقليل كمية الملح.