
شهدت أسعار الذهب في السوق المصرية قفزة تاريخية حيث واصل المعدن الأصفر تحطيم الأرقام القياسية متأثرا بالاضطرابات الاقتصادية العالمية وفي مقدمتها أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية مما يعزز مكانته كأداة رئيسية للتحوط والادخار الآمن لدى المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة في أوقات عدم اليقين.
وصل خام الذهب في مصر ممثلا في عيار 24 إلى مستوى 5976 جنيها للجرام الواحد بينما سجل عيار 21 وهو الأكثر تداولا وانتشارا سعر 5235 جنيها للجرام أما عيار 18 فقد بلغ سعره 4488 جنيها وسجل الجنيه الذهب 41845 جنيها في ظل هذه الموجة الصعودية القوية.
وتعود هذه الارتفاعات بشكل مباشر إلى التوترات السياسية والمالية المتصاعدة في الولايات المتحدة حيث دخل قرار الإغلاق الحكومي حيز التنفيذ رسميا بعد فشل الكونغرس والبيت الأبيض في التوصل لاتفاق حول مشروع قانون الإنفاق بسبب الانقسامات الحزبية العميقة وهو ما أدى إلى توقف معظم العمليات الحكومية وأشعل أزمة قد تطول وتتسبب في فقدان آلاف الوظائف الفيدرالية.
أحد التداعيات المباشرة لهذا الإغلاق الحكومي هو احتمالية تأخر صدور بيانات وظائف القطاعات غير الزراعية لشهر سبتمبر والتي كانت مقررة يوم الجمعة وتعتبر هذه البيانات مؤشرا دقيقا لصحة سوق العمل الذي يمثل تباطؤه دافعا رئيسيا للبنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة.
وتعززت توقعات المتداولين بخفض الفائدة بعد صدور تقرير JOLTS الذي أشار إلى نمو طفيف في فرص العمل المتاحة مقابل انخفاض في التوظيف مما دفع الأسواق لتوقع خفض بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر يليه خفض آخر في ديسمبر.
وعلى الرغم من هذه التوقعات يسود حذر في الأسواق بشأن المضي قدما في تخفيضات الفائدة خاصة بعد سلسلة من التصريحات المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حيث أكدت لوري لوغان رئيسة البنك الفيدرالي في دالاس على ضرورة توخي الحذر الشديد مشيرة إلى أن أي تخفيضات مستقبلية تتطلب تدهورا أكبر في سوق العمل.
ويظل الاتجاه الصاعد هو المسيطر على تحركات الذهب على المديين القصير والمتوسط مدعوما بالتوترات الجيوسياسية ومخاوف الأسواق بشأن تداعيات الإغلاق الحكومي الأمريكي فضلا عن السياسة النقدية الحالية للبنك الفيدرالي وتوجهه نحو خفض الفائدة.
ويعتبر الذهب تاريخيا هو أداة التحوط التقليدية ضد الاضطرابات الاقتصادية والسياسية وينتعش بشكل خاص في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة لأنها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدا وقد حقق مكاسب تجاوزت 47 بالمئة هذا العام.