
شهدت أسعار الذهب في مصر قفزة تاريخية حيث سجلت مستويات قياسية جديدة يأتي هذا الصعود اللافت مدعوما بشكل مباشر من الارتفاع القوي الذي تحققه أونصة الذهب في البورصات العالمية والذي يعتبر حاليا المحرك الرئيسي للتسعير في السوق المحلية وهو ما يفسر تجاهل الأسعار للتغيرات الطفيفة في سعر الصرف.
على الصعيد المحلي لوحظ تراجع تدريجي في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بالبنوك الرسمية منذ بداية الأسبوع وهو عامل كان من المفترض أن يؤثر سلبا على أسعار الذهب إلا أن الزخم الكبير للصعود العالمي للمعدن الأصفر كان كافيا لتحييد هذا التأثير السلبي ودفع الأسعار المحلية لمزيد من الارتفاع.
وفيما يلي تفاصيل الأسعار المسجلة في الأسواق حيث وصل سعر جرام الذهب من عيار 24 إلى 5985 جنيها بينما سجل عيار 21 الأكثر تداولا سعر 5237 جنيها أما عيار 18 فقد بلغ 4489 جنيها ووصل سعر الجنيه الذهب إلى 41896 جنيها.
وتعود أسباب هذا الصعود العالمي في المقام الأول إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة فقد دخل الإغلاق الحكومي حيز التنفيذ رسميا بعد فشل الكونغرس والبيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق تمويل بسبب الانقسامات الحزبية العميقة الأمر الذي أدى إلى توقف معظم العمليات الحكومية وأثار مخاوف من أزمة طويلة قد تسفر عن فقدان آلاف الوظائف الفيدرالية.
تزيد هذه التوترات الجيوسياسية ومخاوف الأسواق من الإغلاق الحكومي من جاذبية الذهب كملاذ آمن تقليدي يلجأ إليه المستثمرون للتحوط ضد المخاطر وقد حقق المعدن الأصفر مكاسب لافتة هذا العام تجاوزت 47% في ظل هذه الأجواء المشحونة.
أحد تداعيات الإغلاق الحكومي هو التأخير المحتمل لصدور بيانات وظائف القطاعات غير الزراعية لشهر سبتمبر والتي كان من المقرر إعلانها يوم الجمعة وتعتبر هذه البيانات مؤشرا دقيقا على صحة سوق العمل الأمريكي الذي كان تباطؤه دافعا رئيسيا لتوجهات البنك الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة.
وتعززت التوقعات بتباطؤ الاقتصاد بعد صدور تقرير فرص العمل JOLTS يوم الثلاثاء والذي أشار إلى نمو طفيف في الوظائف المتاحة بالولايات المتحدة خلال أغسطس مصحوبا بانخفاض في عمليات التوظيف الفعلية وهو ما دفع المتداولين إلى زيادة رهاناتهم على قيام الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر مع توقع خفض آخر في ديسمبر.
يعتبر التوجه نحو خفض أسعار الفائدة بيئة مثالية لانتعاش الذهب لأنه يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن النفيس الذي لا يدر عائدا وبذلك يظل الاتجاه الصاعد هو المسيطر على تحركات الذهب على المدى القصير والمتوسط.
ورغم هذه التوقعات المتفائلة لا يزال الحذر يسيطر على الأسواق بشأن وتيرة تخفيضات الفائدة المستقبلية خاصة بعد سلسلة من التصريحات المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي فقد أكدت لوري لوغان رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس على ضرورة توخي الحذر الشديد مشيرة إلى أن سوق العمل سيحتاج إلى مزيد من التدهور قبل أن يفكر البنك المركزي في إجراء المزيد من التخفيضات.