
حذر متخصصون في أمراض الباطنة والكبد من أن بروز البطن أو ما يعرف بالكرش لا يمثل مجرد مشكلة جمالية بل يعد مؤشرا خطيرا على مشكلات صحية داخلية قد لا تكون ظاهرة أبرزها الإصابة بالكبد الدهني وهي حالة مرضية تزايد انتشارها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة بسبب تغير أنماط الحياة.
يوضح استشاري أمراض الباطنة والكبد الدكتور محمد العوضي أن تراكم الدهون في منطقة البطن يعتبر من أبرز المشكلات الصحية المنتشرة وليس مجرد مظهر خارجي فقط بل قد يكون دليلا قويا على وجود خلل داخلي بالجسم أهمه ترسب الدهون على الكبد وهذه الحالة ترتبط بشكل مباشر بأساليب الحياة غير الصحية والاعتماد على الأطعمة السريعة مع قلة الحركة.
ورغم أن ظهور الكرش لا يؤكد بشكل قاطع وجود دهون على الكبد إلا أنه يعتبر من أقوى العلامات المنبهة لاحتمالية الإصابة به فالدراسات الطبية الحديثة أثبتت أن الأشخاص الذين لديهم دهون حشوية وهي الدهون العميقة المتراكمة حول أعضاء البطن الداخلية هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي مقارنة بغيرهم.
من المثير للقلق أن العديد من الرجال ما زالوا ينظرون إلى الكرش باعتباره رمزا للصحة والهيبة استنادا إلى المثل الشعبي الشائع الراجل من غير كرش مايسواش قرش وهو اعتقاد خاطئ وخطير يتجاهل المخاطر الصحية الجسيمة المترتبة على هذا النوع من السمنة الموضعية التي تعتبر من أخطر أنواع السمنة المؤدية للأمراض المزمنة.
إن ظهور الكرش لا يقتصر سببه على الإفراط في تناول الطعام فحسب بل يرتبط أيضا بعوامل أخرى مثل مقاومة الجسم للإنسولين والاضطرابات الهرمونية المختلفة وقلة النشاط البدني وجميع هذه العوامل تساهم بشكل وثيق في تكون دهون الكبد لذلك يجب اعتبار الكرش جرس إنذار مبكر يستدعي الفحص الطبي خاصة إذا تزامن مع أعراض أخرى مثل الشعور بالخمول الدائم وضعف التركيز أو الإحساس بآلام في الجانب الأيمن العلوي من البطن.
تمتد مخاطر الدهون الحشوية والكرش لتشمل أمراضا أخرى بخلاف الكبد الدهني حيث إنها ترفع من مقاومة الجسم للإنسولين مما يزيد بشكل كبير من فرص الإصابة بمرض السكري كما أن الأشخاص الذين يعانون من الكرش والكبد الدهني معا تزداد لديهم قابلية الإصابة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم ويعتبر الكرش كذلك دليلا واضحا على اختلال التوازن الغذائي الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن بشكل عام.
يعتمد علاج الكرش والتخلص من دهون البطن بشكل أساسي على إحداث تغيير جذري في نمط الحياة اليومي مع ضرورة المتابعة الطبية المتخصصة وتشمل الخطة العلاجية اتباع نظام غذائي صحي يقوم على تقليل تناول الدهون المشبعة والزيوت المهدرجة الموجودة في الأطعمة المقلية وتجنب السكريات البسيطة والمشروبات الغازية والعصائر المصنعة.
في المقابل ينصح بالإكثار من تناول الخضروات الورقية والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة والاعتماد على مصادر الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات والأفوكادو ويفضل تناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم بدلا من تناول وجبات كبيرة ودسمة قليلة العدد.
يأتي النشاط البدني كعنصر حاسم في العلاج حيث تساعد التمارين الرياضية على حرق الدهون الحشوية المتسببة في ظهور الكرش وينصح بممارسة المشي السريع أو الجري لمدة لا تقل عن ثلاثين دقيقة يوميا كما أن ممارسة تمارين المقاومة باستخدام الأوزان تساهم في زيادة الكتلة العضلية بالجسم مما يعزز عملية حرق الدهون ويساعد تحقيق فقدان في الوزن بنسبة تتراوح بين سبعة وعشرة بالمئة من إجمالي وزن الجسم على إحداث تحسن ملحوظ في علاج الكرش والسمنة عموما.
إلى جانب النظام الغذائي والرياضة يجب الحرص على شرب كميات وفيرة من الماء على مدار اليوم وتنظيم مواعيد النوم والحصول على قسط كاف من الراحة بحيث لا تقل عدد ساعات النوم عن ثماني ساعات يوميا لما له من تأثير إيجابي على تنظيم هرمونات الجسم وعمليات الأيض.