
شهدت أسواق الذهب في مصر هبوطا ملحوظا في تعاملات اليوم حيث انخفض سعر جرام الذهب من عيار 21 بقيمة 40 جنيها دفعة واحدة وذلك بعد موجة من الارتفاعات القياسية التي أوصلت المعدن الأصفر إلى مستويات تاريخية وغير مسبوقة في السوق المحلية خلال الفترة الماضية.
وجاءت الأسعار المحدثة في الأسواق لتعكس هذا الانخفاض حيث بلغ سعر جرام الذهب من عيار 24 مستوى 5928 جنيها بينما سجل عيار 21 الأكثر تداولا وانتشارا في مصر سعر 5187 جنيها ووصل سعر جرام الذهب من عيار 18 إلى 4446 جنيها كما سجل سعر الجنيه الذهب 41496 جنيها.
يأتي هذا التراجع المحلي في وقت تستمر فيه أسعار الذهب العالمية في تسجيل قفزات هائلة مقتربة من قمة تاريخية عند 3900 دولار للأوقية بالتزامن مع الإغلاق الأمريكي وارتفاع الطلب العالمي على المعدن النفيس كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي التي تسيطر على المشهد.
وتعود حالة القلق في الأسواق العالمية بشكل أساسي إلى أزمة الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة التي دخلت حيز التنفيذ رسميا بعد أن فشل الكونغرس والبيت الأبيض في التوصل إلى اتفاق حول تمويل الحكومة بسبب الانقسامات الحزبية العميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين وهو ما أدى إلى توقف معظم عمليات الحكومة الفيدرالية وإثارة مخاوف من أزمة طويلة قد تتسبب في فقدان آلاف الوظائف.
وقد ألقت هذه الاضطرابات بظلالها على البيانات الاقتصادية حيث من المحتمل أن يتأخر صدور تقرير وظائف القطاعات غير الزراعية لشهر سبتمبر والذي كان من المقرر صدوره يوم الجمعة ويعتبر هذا التقرير مؤشرا بالغ الأهمية لتقييم صحة سوق العمل الأمريكي والذي يعد تباطؤه دافعا رئيسيا لقرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
وتعززت توقعات المتداولين بتوجه الفيدرالي نحو خفض جديد لأسعار الفائدة بعد صدور تقرير فرص العمل JOLTS الذي أشار إلى نمو طفيف في الوظائف المتاحة خلال شهر أغسطس مصحوبا بانخفاض في عمليات التوظيف الفعلية وهو ما دفع الأسواق لتسعير خفض بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر مع توقع خفض آخر في ديسمبر.
ويبقى الاتجاه الصاعد هو المسيطر على تحركات الذهب على المديين القصير والمتوسط مدعوما بالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة والمخاوف المتعلقة بتداعيات الإغلاق الحكومي الأمريكي بالإضافة إلى السياسة النقدية الحالية للبنك الفيدرالي وتوجهه نحو التيسير النقدي لإنعاش الاقتصاد.
وعلى الرغم من هذه المعطيات الإيجابية للذهب يسود حذر في الأسواق بشأن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض أسعار الفائدة خاصة بعد صدور سلسلة من التصريحات المتشددة من مسؤوليه فقد أكدت لوري لوغان رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس على ضرورة توخي حذر شديد بشأن أي تخفيضات مستقبلية مشيرة إلى أن سوق العمل سيحتاج إلى مزيد من التدهور الواضح قبل أن يفكر البنك المركزي في اتخاذ مثل هذه الخطوة.
ويعتبر الذهب أداة تحوط تقليدية ضد المخاطر الاقتصادية والسياسية ويزدهر بشكل خاص في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة لأنها تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائدا وقد حقق المعدن الأصفر مكاسب تجاوزت 47% هذا العام مما يعكس حجم القلق السائد في الأسواق العالمية.