الالتهاب: كيف يتحول صديق الجسم إلى عدو خفي يهدد صحتك بشكل مزمن

الالتهاب: كيف يتحول صديق الجسم إلى عدو خفي يهدد صحتك بشكل مزمن
الالتهاب: كيف يتحول صديق الجسم إلى عدو خفي يهدد صحتك بشكل مزمن

يشكل الالتهاب آلية دفاعية أساسية في جسم الإنسان فهو السلاح الذي يستخدمه جهاز المناعة لمحاربة العدوى وتسريع الشفاء من الإصابات لكن هذه الاستجابة الطبيعية قد تتحول إلى مشكلة صحية معقدة عندما تستمر لفترات طويلة وتصبح مزمنة ما يمهد الطريق للإصابة بأمراض خطيرة.

تبدأ الاستجابة الالتهابية حين يرصد الجسم وجود دخيل مثل شوكة أو عامل ممرض كالبكتيريا والفيروسات حيث يرسل على الفور خلايا متخصصة إلى موقع الخطر وينتج عن هذه العملية توسع الأوعية الدموية الصغيرة لتمكين خلايا الدم البيضاء وبروتينات البلازما من الوصول بسهولة للمنطقة المصابة وتظهر علامات الالتهاب الحاد الخمس الشهيرة وهي الألم والاحمرار والتورم الناتج عن تراكم السوائل وارتفاع درجة حرارة المنطقة المصابة وصعوبة في تحريكها أو استخدامها.

في بعض الحالات يخطئ الجهاز المناعي في تقديره ويهاجم أنسجة الجسم السليمة معتبرا إياها ضارة مما يؤدي إلى أمراض المناعة الذاتية كالسكري من النوع الأول والصدفية ويعتقد الخبراء أن الالتهاب المزمن الذي قد يستمر لشهور أو سنوات يساهم بشكل مباشر في تطور مجموعة واسعة من الأمراض مثل متلازمة التمثيل الغذائي التي تشمل أمراض القلب والسمنة ويمكن للأطباء قياس مستوى الالتهاب في الجسم عبر فحص الدم للكشف عن مؤشرات حيوية معينة مثل البروتين التفاعلي سي الذي ترتفع مستوياته عند وجود التهاب.

يتحول الالتهاب إلى حالة مزمنة نتيجة لعدة عوامل منها عدم تعافي الجسم بالكامل من التهاب حاد أو التعرض المستمر لمادة مهيجة مثل المواد الكيميائية الصناعية أو وجود حساسية مفرطة تجاه محفز خارجي وهناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالالتهاب المزمن تشمل التقدم في العمر والسمنة والتدخين والتوتر ومشاكل النوم واتباع نظام غذائي غني بالدهون غير الصحية والسكر ويرتبط هذا النوع من الالتهاب بأمراض مثل الربو والتهاب المفاصل الروماتويدي وأمراض القلب والانسداد الرئوي المزمن ومرض كرون.

يعتمد علاج الالتهاب على سببه ونوعه ففي حالة الالتهاب الحاد قد يصف الطبيب أدوية مضادة للالتهابات غير ستيرويدية مثل الإيبوبروفين والأسبرين لتخفيف الألم والتورم والحمى لكنها لا تعالج السبب الأساسي ويمكن استخدام مسكنات الألم وحدها لتخفيف الوجع مع السماح لعملية الالتهاب بأداء دورها في الشفاء وفي حالات معينة يتم اللجوء إلى الكورتيكوستيرويدات وهي هرمونات ستيرويدية قوية تستخدم في علاج حالات مثل الذئبة والربو.

أما علاج الالتهاب المزمن فيتطلب التعامل مع المرض المسبب له وتستخدم أدوية مثبطة للمناعة للسيطرة على ردود فعل الجهاز المناعي في أمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وهذه الأدوية تخفف الأعراض لكنها تجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى كما يحتاجها المرضى الذين خضعوا لعمليات زراعة الأعضاء لمنع الجسم من رفض العضو الجديد.

إلى جانب العلاجات الدوائية يمكن لبعض التغييرات في نمط الحياة أن تساعد في السيطرة على الالتهاب حيث أظهرت بعض المكملات العشبية مثل الزنجبيل والكركم خصائص مضادة للالتهاب كما أن اتباع نظام غذائي صحي يلعب دورا مهما ويشمل هذا النظام تناول أطعمة مثل زيت الزيتون والمكسرات كاللوز والجوز والأسماك الدهنية كالسلمون والسردين والفواكه مثل التوت والبرتقال والطماطم فالغذاء وحده لا يعالج الالتهاب لكنه يساهم في منع تفاقمه.