
تشير دراسات حديثة إلى أن خطر عودة سرطان الثدي يظل قائما حتى بعد الشفاء حيث تواجه نحو 20% من المصابات في المراحل المبكرة احتمالية تكرار المرض خلال عشر سنوات من التشخيص الأول وهو ما يلقي بظلال من القلق على رحلة التعافي لدى ملايين النساء حول العالم. هذا الهاجس يؤكد أن نهاية العلاج ليست بالضرورة نهاية المعركة مع المرض.
وفي هذا السياق تأتي أهمية شهر أكتوبر من كل عام الذي يخصص عالميا لزيادة الوعي بسرطان الثدي حيث لا تقتصر الحملات على تشجيع الفحص المبكر فحسب بل تمتد لتشمل التعريف بأساليب الوقاية والعلاج وتسليط الضوء على أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للمريضات والناجيات على حد سواء لمواجهة مخاوف المستقبل.
ويحذر متخصصون في طب الأورام من الاعتقاد الشائع بأن اكتشاف المرض في مراحله المبكرة يضمن الشفاء التام بشكل مطلق. فعلى الرغم من أن الكشف المبكر يرفع نسب النجاح العلاجي إلى حد كبير إلا أن احتمالات تكرار الإصابة قد تصل في بعض الحالات إلى 50% وفقا لتقارير سريرية متخصصة مما يستدعي ضرورة استمرار المتابعة الطبية الدقيقة بعد انتهاء فترة العلاج النشط.
ويُعرف سرطان الثدي في مراحله المبكرة بأنه الحالة التي تكون فيها الخلايا السرطانية محصورة داخل نسيج الثدي أو قد تصل إلى الغدد الليمفاوية المجاورة دون أن تنتشر إلى أعضاء بعيدة في الجسم. وتتأثر احتمالية عودة المرض بعدة عوامل منها عمر المريضة عند تشخيصها وحجم الورم الأصلي وعدد الغدد الليمفاوية التي تأثرت به بالإضافة إلى وجود طفرات جينية معينة.
إن فهم هذه العوامل يعتبر أمرا بالغ الأهمية لوضع خطط متابعة ورعاية صحية طويلة الأمد فمرحلة ما بعد الشفاء لا تقل أهمية عن فترة العلاج نفسها. وتتطلب هذه المرحلة التزاما كاملا بالفحوصات الدورية للكشف المبكر عن أي علامات قد تشير إلى عودة المرض مما يتيح خيارات علاجية أكثر فعالية ويقلل من حدة المضاعفات المحتملة.
تعد المتابعة الطبية المنتظمة حجر الزاوية في تقليل خطر عودة المرض وينبغي على الناجيات الالتزام الصارم بجدول الفحوصات الذي يضعه الطبيب المعالج والذي يتضمن عادة التصوير الشعاعي للثدي المعروف بالماموغرام بالإضافة إلى التحاليل الدورية الأخرى التي تساعد في مراقبة الحالة الصحية العامة.
يلعب نمط الحياة الصحي دورا محوريا في الوقاية من تكرار الإصابة. وينصح الخبراء بتبني نظام غذائي متوازن غني بالألياف والخضروات الورقية والفواكه الطازجة مع ضرورة تجنب الدهون المشبعة والسكريات واللحوم المصنعة. كما أن ممارسة النشاط البدني بانتظام لمدة لا تقل عن 150 دقيقة أسبوعيا تساهم في تعزيز الجهاز المناعي وتحسين الدورة الدموية.
ولا يمكن إغفال التأثير العميق للصحة النفسية والدعم الاجتماعي في هذه الرحلة فالتعامل مع سرطان الثدي يتجاوز الجانب الطبي ليشمل حالة نفسية واجتماعية متكاملة. إن الدعم النفسي المقدم للناجيات يساعدهن على تجاوز الخوف والقلق ويمكنهن من استعادة ثقتهن بأنفسهن ويقلل من مستويات التوتر التي قد تؤثر سلبا على مناعة الجسم وصحته العامة.
ومن الضروري أيضا الابتعاد التام عن العادات الضارة مثل التدخين الذي يضعف قدرة الجسم على مقاومة الأمراض ويزيد من احتمالات تكرار الإصابة. إن رحلة التعامل مع سرطان الثدي تبدأ من لحظة التشخيص وتستمر لما بعد الشفاء لتشمل الوعي والرعاية والدعم المتواصل.