إدارة الانفعالات مع الأبناء: خطوات ذكية لتهدئة نفسكِ وتجنب نوبات الغضب المفاجئة

إدارة الانفعالات مع الأبناء: خطوات ذكية لتهدئة نفسكِ وتجنب نوبات الغضب المفاجئة
إدارة الانفعالات مع الأبناء: خطوات ذكية لتهدئة نفسكِ وتجنب نوبات الغضب المفاجئة

أكدت خبيرة التنمية البشرية شيرين محمود أن قدرة الأم على التحكم في انفعالاتها تشكل الركيزة الأساسية لبيت ينعم بالاستقرار النفسي وتعتبر الضمانة الأولى لشعور الأبناء بالأمان والثقة. فوسط ضغوط الحياة المتزايدة وتراكم المسؤوليات قد تصل الأم إلى لحظات تفقد فيها السيطرة على غضبها وهو ما يتطلب منها امتلاك أدوات واعية لإدارة هذه المشاعر.

إن إدارة الغضب لا تكتسب بين عشية وضحاها بل هي رحلة مستمرة من الوعي الذاتي والتدريب العملي وكل خطوة تخطوها الأم نحو الهدوء تساهم في بناء منزل أكثر دفئا وأبناء أكثر توازنا على الصعيد النفسي. عندما تنجح الأم في تهدئة نفسها فإنها لا تحمي أطفالها من الآثار النفسية السلبية فقط بل تقدم لهم أيضا درسا عمليا في النضج الإنساني والتحكم العاطفي وهو إرث لا يقدر بثمن.

الخطوة الأولى نحو السيطرة على الانفعال تبدأ من فهم جذوره العميقة ففي كثير من الأحيان لا يكون تصرف الابن هو السبب المباشر بل مجرد شرارة تشعل غضبا متراكما بسبب الإرهاق أو قلة النوم أو ضغوط العمل. إدراك الأم لهذه الحقيقة يمنحها مساحة للتفكير ويقلل من حدة رد فعلها تجاه الطفل.

ومن أهم الأساليب الفعالة هي ممارسة التوقف المؤقت قبل الاستجابة. حين تشعر الأم بتصاعد موجة الغضب عليها أن تبتعد عن الموقف لبضع دقائق وتأخذ نفسا عميقا عدة مرات أو تشرب كوبا من الماء. هذه الثواني القليلة كفيلة بإعطاء العقل فرصة لاستعادة زمام الأمور ومنع سيطرة العاطفة على الموقف وتجنب قول كلمات قد تندم عليها لاحقا.

يرتبط الجسد بالعقل ارتباطا وثيقا فعندما يتوتر الجسد يزداد الانفعال لذا من الضروري أن تتعلم الأم كيفية تهدئة جسدها أولا عبر التنفس العميق المنتظم الذي يخفض التوتر فورا أو شد عضلات الكتف ثم إرخائها ببطء لتخفيف التشنج. هذه التقنيات الجسدية تمنحها سيطرة تساعدها على استعادة هدوئها الذهني.

يلعب الحوار الداخلي دورا محوريا في تأجيج الغضب أو إخماده فبدلا من ترديد أفكار سلبية مثل هو لا يحترمني أو أنا أم فاشلة يمكنها أن تتبنى حوارا إيجابيا مع نفسها مثل هو طفل ما زال يتعلم أو أنا قادرة على التعامل مع الموقف بهدوء. هذا التحول في التفكير يغير كيمياء الدماغ ويحول الانفعال إلى تفكير عقلاني.

كما يجب على الأم التدرب على الاستجابة الواعية بدلا من رد الفعل التلقائي الذي يتمثل غالبا في الصراخ أو العقاب. الاستجابة الواعية تعني التوقف والتفكير في الرسالة التربوية التي تريد إيصالها للطفل وهل يستحق الموقف كل هذا الغضب. هذا النهج يحول الصراع إلى فرصة للتعليم والتقارب.

إن إهمال الأم لاحتياجاتها النفسية والجسدية هو أحد أكبر مسببات سرعة الغضب. لذا من الضروري أن تخصص وقتا لنفسها يوميا ولو لدقائق قليلة للاسترخاء والقراءة وأن تحرص على تناول طعام متوازن وممارسة نشاط تحبه. هذه العادات البسيطة تعيد شحن طاقتها وتقلل من احتمالية انفجارها.

من المهارات التربوية الهامة أيضا الفصل بين سلوك الطفل وشخصه فبدلا من وصفه بأنه ولد سيئ يجب أن تقول له إن تصرفه هذا غير مقبول. بهذا الأسلوب يشعر الطفل بأن سلوكه هو المرفوض وليس شخصه مما يحافظ على العلاقة بينهما ويخفف من شعور الأم بالذنب لاحقا.

يساهم بناء روتين هادئ في المنزل في تقليل فرص الاحتكاك والانفعال وذلك عبر تخصيص وقت يومي للحديث العائلي بعيدا عن الأجهزة الإلكترونية ووضع قواعد سلوك واضحة وثابتة يعرفها الأبناء مسبقا واستخدام أسلوب الإنذار المسبق قبل إعطاء الأوامر.

بعد نوبات الغضب قد تشعر الأم بالندم الشديد لكن من المهم أن تكون رحيمة بنفسها وتتذكر أن الهدف ليس الكمال بل التحسن المستمر. يمكنها أن تسأل نفسها ماذا تعلمت من الموقف بدلا من لوم ذاتها وهذا يمنحها طاقة إيجابية لتطوير نفسها.

في حال شعرت الأم أن غضبها أصبح مفرطا ويخرج عن السيطرة باستمرار فلا عيب أبدا في طلب المساعدة من مختص نفسي أو الانضمام لمجموعات دعم خاصة بالأمهات حيث يمكن لأساليب مثل العلاج المعرفي السلوكي أن تساعدها على تغيير أنماط التفكير السلبية بشكل فعال.