
في عمق المشهد الصحراوي للمملكة العربية السعودية وبالقرب من بلدة لينة العريقة يبرز شعيب البدع كشاهد على تاريخ غني حيث يحتضن محطة البدع أو الثعلبية القديمة إحدى أهم نقاط التوقف على طريق الحج التاريخي درب زبيدة بما تضمه من كنوز معمارية وآبار حجرية وحصون أثرية.
تمتد على مساحة شاسعة في هذه المنطقة أكثر من 120 وحدة معمارية متنوعة تشهد على الإرث العمراني الثري للموقع وتتوزع هذه الوحدات بين برك مياه تاريخية تم تشييدها بأساليب هندسية متفردة وآبار حجرية كانت تروي الحجاج بمياهها العذبة إلى جانب حصون أثرية كانت تؤدي وظائف متعددة عبر العصور.
وفي إطار الجهود الحديثة للحفاظ على هذا الإرث شهدت منطقة البدع الواقعة ضمن نطاق محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية تنفيذ مشاريع بيئية طموحة شملت هذه المشاريع إعادة تأهيل ما تفوق مساحته 41 كيلومترا مربعا وزراعة ما يزيد على 44 ألف شجرة من الأنواع النباتية المحلية مثل السلم والأرطى والطلح النجدي فضلا عن إزالة أكثر من 11 ألف طن من النفايات المتراكمة.
وتأتي هذه الجهود لتعزيز المبادرات الوطنية للاستدامة وجودة الحياة إذ من المتوقع أن تساهم الأشجار المزروعة بعد اكتمال نموها في امتصاص قرابة ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا وقد توجت هذه المساعي المتكاملة باعتماد المحمية رسميا ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي التابع لمنظمة اليونسكو في سبتمبر من عام 2025.
ويعكس هذا الاعتراف الدولي من اليونسكو المكانة المتنامية للمملكة في قيادة المبادرات البيئية العالمية ويؤكد على التزامها بتحقيق التوازن بين التنمية وحماية الطبيعة كما يبرز انضمام محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية لشبكة المحميات العالمية رؤية المملكة الطموحة لصون كنوزها البيئية والثقافية للأجيال القادمة.