
تحذر أخصائية تغذية علاجية من المخاطر الصحية الجسيمة التي تتربص بالأطفال نتيجة الإفراط في تناول الحلوى حيث ينجذب الصغار بشدة لألوانها الزاهية ومذاقها السكري ما يدفع الكثير من الأمهات لتقديمها لهم بانتظام إما كمكافأة أو كوسيلة للتسلية دون إدراك للعواقب الوخيمة التي تهدد نموهم البدني والذهني على المدى البعيد.
يعد تسوس الأسنان أحد أبرز وأسرع المشكلات الصحية التي تظهر على الأطفال جراء استهلاك الحلوى فالسكريات البسيطة تمثل غذاء مثاليا للبكتيريا الفموية التي بدورها تنتج أحماضا تتسبب في تآكل طبقة المينا الواقية للأسنان ومع تكرار هذه العملية دون العناية بنظافة الفم يزداد خطر التسوس والتهابات اللثة وما يصاحبها من آلام تؤثر سلبا على قدرة الطفل على المضغ وتناول الطعام والنوم بشكل مريح.
تتسبب الحلوى أيضا في اضطرابات حادة بمستوى السكر في الدم إذ يؤدي تناولها إلى ارتفاع مفاجئ وسريع لمؤشر الجلوكوز يليه هبوط حاد بعد فترة وجيزة هذا التذبذب المستمر يجعل الطفل يشعر بالتعب والإرهاق ويؤثر على حالته المزاجية فيصبح أكثر عصبية وقلقا كما يضعف من قدرته على التركيز والانتباه خلال يومه الدراسي ومع مرور الوقت قد يرهق هذا النمط قدرة الجسم على تنظيم السكر مما يرفع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني مستقبلا.
من جهة أخرى يؤثر الإفراط في استهلاك السكر بشكل مباشر على جهاز المناعة حيث تشير الدراسات إلى أن الكميات الكبيرة من السكر تضعف من كفاءة الخلايا المناعية وتحد من قدرتها على مكافحة العدوى وهو ما يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد والالتهابات المتكررة كما تؤثر الأطعمة السكرية سلبا على توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء مما يقلل من قوة الجهاز الهضمي والمناعة بشكل عام.
تحتوي غالبية الحلويات على نسب مرتفعة من السكريات والدهون المشبعة وتعتبر مصدرا للسعرات الحرارية الفارغة التي لا تقدم أي قيمة غذائية حقيقية للجسم فالإفراط في تناولها يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية اليومية للطفل وتراكم الدهون مما يمهد الطريق لزيادة الوزن والإصابة بالسمنة في سن مبكرة والتي تعتبر بوابة لأمراض مزمنة أكثر خطورة لاحقا مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.
عندما يعتاد الطفل على تناول الحلوى بكثرة فإنه يشعر بالشبع سريعا ويفقد شهيته تجاه الأطعمة الصحية الضرورية لنموه مثل الخضروات والفواكه ومصادر البروتين هذا السلوك الغذائي الخاطئ يؤدي حتما إلى نقص حاد في العناصر الغذائية الأساسية كالفيتامينات والمعادن الهامة مثل الحديد والكالسيوم مما يؤثر سلبا على النمو السليم للعظام والأسنان وتطور الدماغ ويقلل من طاقة الطفل ونشاطه البدني.
ربطت بعض الأبحاث بين تناول السكريات بكثرة وزيادة معدلات فرط النشاط الحركي لدى الأطفال خاصة الذين يعانون من اضطراب تشتت الانتباه فالطاقة المؤقتة التي يمنحها السكر للجسم يتبعها انخفاض سريع يؤدي إلى تقلب المزاج وضعف القدرة على الانتباه والتركيز لفترات طويلة.
يعمل السكر في الدماغ بطريقة تشبه تأثير بعض المواد المنشطة فهو يحفز إفراز هرمونات السعادة مثل الدوبامين ومع مرور الوقت يعتاد دماغ الطفل على هذا الإحساس ويطلب المزيد من السكر للحصول على نفس الشعور وهو ما يخلق نوعا من الإدمان الغذائي يجعل من الصعب على الأهل لاحقا التحكم في كمية الحلوى التي يستهلكها الطفل ويؤثر على سلوكه واستجابته للضوابط الغذائية.