
كشفت دراسة علمية حديثة عن تهديد وجودي يواجه ملايين المباني في المناطق الساحلية حول العالم بسبب استمرار ارتفاع درجات الحرارة. وتشير التقديرات الأولية إلى أن أكثر من مئة مليون مبنى قد تغمرها المياه مع توقعات بخسائر اقتصادية قد تتجاوز 872 مليار يورو بحلول عام 2100 في أوروبا وحدها.
ويشكل الاعتماد المستمر على الوقود الأحفوري المحرك الرئيسي لهذه الأزمة البيئية حيث تؤدي الانبعاثات الكربونية الناتجة عنه إلى تسريع ذوبان الغطاء الجليدي في القطبين. ويؤدي هذا الذوبان بدوره إلى ارتفاع تدريجي في مستويات سطح البحر وهو تأثير قد يمتد لمئات السنين القادمة ما يضع البنى التحتية الساحلية في خطر متصاعد.
واستند الباحثون في تقييمهم غير المسبوق إلى بيانات عالية الدقة تم جمعها عبر الأقمار الصناعية وخرائط الارتفاعات المفصلة. وأتاحت هذه الأدوات للعلماء إجراء محاكاة لسيناريوهات مختلفة لارتفاع مستوى سطح البحر تتراوح بين نصف متر وعشرين مترا لتقييم عدد المنشآت والمباني المعرضة للغمر بشكل دقيق.
وقد أكدت الباحثة ناتاليا جوميز من جامعة ماكجيل الكندية أن ارتفاع منسوب مياه البحر يعد نتيجة حتمية لظاهرة الاحتباس الحراري وأن تأثيره بدأ يظهر بالفعل في العديد من المجتمعات الساحلية. وشددت على أن هذا التأثير سيستمر لقرون ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية وفورية للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
من جهته أوضح الباحث جيف كارديل المشارك في الدراسة أن تجاوز مستوى سطح البحر لخمسة أمتار خلال القرون القادمة يعرض للخطر أكثر من مئة مليون مبنى حول العالم. وأشار إلى أن بعض الدول والمناطق الساحلية تواجه خطورة أكبر من غيرها بسبب طبيعة تضاريسها المنخفضة ومواقع بنيتها التحتية الحيوية القريبة من الشواطئ.
وتشير الدراسة إلى أن مناطق جنوب شرق آسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية معرضة للخطر بشكل خاص. وعلى الصعيد الأوروبي يتوقع أن تتكبد اقتصادات الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة خسائر فادحة حيث تبرز مناطق ساحلية مثل فينيتو وإميليا رومانيا الإيطاليتين وزاخودنيوموموورسكي البولندية والساحل البلجيكي وغرب فرنسا واليونان كأكثر المناطق عرضة للضرر.
وتعتبر هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تقدم تقييما عالميا تفصيليا للبنية التحتية الساحلية المهددة باستخدام بيانات فائقة الدقة. ومن شأن هذه النتائج أن توفر أدلة قوية لصناع القرار حول العالم لتبني سياسات مناخية عاجلة قادرة على حماية الأجيال القادمة من كوارث بيئية واقتصادية وشيكة.